عقلي واتجاه سؤال (وكما لا يصح عندنا أن يقال لم خلق الله الاحتراق عقيب مسيس النار ولم لم يحصل ابتداء أو عقيب مماسة الماء (فكذا ههنا) لا يصح أن يقال لم أثاب عقيب أفعال مخصوصة وعاقب عقيب أفعال أخرى ولم لم يفعلهما ابتداء أو لم يعكس فيهما (وأما التكليف والتأديب والبعثة والدعوة فإنها قد تكون دواعي) للعبد (إلى الفعل) واختياره (فيخلق الله الفعل عقيبها عادة وباعتبار ذلك) الاختيار المترتب على الدواعي (يصير الفعل طاعة) وذلك إذا وفق ما دعاه الشرع إليه (ومعصية) إذا خالفه (و) يصير (علامة للثواب والعقاب) لا سببا موجبا لاستحقاقهما (ثم إن هذا) الذي ذكروه (إن لزم) القائل بعدم استقلاله العبد في أفعاله (فهو لازم لهم أيضا لوجوه * الأول أن ما علم الله عدمه) من أفعال العبد (فهو ممتنع الصدور عن العبد) وإلا جاز انقلاب العلم
جهلا (وما علم الله وجوده) من أفعاله (فهو واجب الصدور عن العبد) وإلا جاز ذلك الانقلاب (ولا مخرج عنهما) لفعل العبد (وأنه
يبطل الاختيار) إذ لا قدرة على الواجب والممتنع
فيبطل حينئذ التكليف وأخواته لابتنائها على القدرة والاختيار بالاستقلال كما ذكرتم فما لزمنا في مسألة خلق الأفعال فقد لزمكم في مسألة علم الله تعالى بالأشياء قال الإمام الرازي ولو اجتمع جملة العقلاء لم يقدروا على أن يوردوا على هذا الوجه حرفا إلا بالتزام مذهب هشام وهو أنه تعالى لا يعلم الأشياء قبل وقوعها وأعترض عليه بأن العلم تابع للمعلوم على معنى أنهما يتطابقان والأصل في هذه المطابقة هو المعلوم ألا يرى أن صورة الفرس مثلا على الجدار إنما كانت على هذه الهيئة المخصوصة لأن الفرس في حد نفسه هكذا ولا يتصور أن ينعكس الحال بينهما فالعلم بأن زيدا سيقوم غدا مثلا إنما يتحقق إذا كان هو في نفسه بحيث يقوم فيه دون العكس
____________________
قلت الأكثر بالنسبة إلى عامة المكلفين هو عقاب العاصي (قوله قد تكون دواعي للعبد إلى الفعل واختياره) فيه بحث لأن العبد محل للاختيار لا منشأ له عند الشيخ الأشعري على ما اعترف به سابقا من أن الاختيار أوليس من العبد وإلا لسبق باختيار آخر وتسلسل فلا معنى لجعل الأمور المذكورة دواعي إلى نفس الاختيار بل الأنسب بمذهب الشيخ أن يقال التكليف والبعثة مثلا تكون معدا للعبد بخلق الداعي والإرادة فيه ويمكن حمل عبارة المصنف على هذا لكن عبارة الشيخ تأبى عنه (قوله وأعترض عليه بأن العلم تابع الخ) قد يجاب عنه بأن المراد من الوجه الأول أن الله تعالى إذ علم في الأزل أن العبد يختار فيما لا يزال فعلا معينا فيتصف به لم يكن بد من وقوع هذا الاختيار والاتصاف المتفرع عليه فيما لا يزال وإلا لانقلب العلم جهلا فتعلق علمه تعالى بوجود شئ يستلزم وجوده بنحو من استلزام المسبب للسبب لا عكسه حتى يرد الاعتراض (قوله وإذا كان هو في نفسه بحيث يقوم فيه) ومخصص