(واعلم أن هذا الاستدلال) أي الوجه الثالث (إنما
بصلح لزاما
للمعتزلة القائلين بوجوب المرجح في الفعل الاختياري) وكون الفعل معه واجبا كأبي الحسين وأتباعه (وإلا فعلى رأينا يجوز الترجيح بمجرد تعلق الاختيار بأحد طرفي المقدور) من غير داع إلى ذلك الطرف كما مر (فلا يلزم من كون الفعل بلا مرجح) وداع (كونه اتفاقيا) واقعا بلا مؤثر (وحديث الترجيح بلا مرجح قد تكرر مرارا بما أغنانا من إعادته
والمعتزلة) القائلون بأن العبد موجد لأفعاله الاختيارية صاروا فريقين فأبو الحسين ومن تبعه يدعي في إيجاد العبد لفعله الضرورة) أي يزعم أن العلم بذلك ضروري لا حاجة به إلى استدلال (و) بيان (ذلك أن كل أحد يجد من نفسه التفرقة بين حركتي المختار والمرتعش والصاعد) باختياره (إلى المنارة والهاوي) أي الساقط (منها) ويعلم أن الأولين من هذين القسمتين يستندان إلى دواعيه واختياره وأنه لولا تلك الدواعي والاختيار لم يصدر عنه شئ منهما بخلاف الأخيرين إذ لا مدخل في شئ منهما لإرادته ودواعيه (ويجعل) أبو الحسين (إنكاره) أي إنكار كون العبد موجدا لأفعاله الاختيارية (سفسطة) مصادمة للضرورة (والجواب أن الفرق) بين الأفعال الاختيارية وغير الاختيارية ضروري لكنه (عائد إلى وجود القدرة) منضمة إلى الاختيار في الأولي (وعدمها) في الثانية (لا إلى تأثيرها) في الاختيارية (وعدمه) أي عدم تأثيرها في غيرها (وذلك أنه لا يلزم من دوران الشئ) كالفعل الاختياري (مع غيره) كالقدرة والدواعي وجودا وعدما (
وجوب الدوران) لجواز أن يكون الدوران اتفاقيا (ولا يلزم) أيضا (من
وجوب الدوران) على تقدير ثبوته (العلية) أي كون المدار علة للدائر (ولا من العلية) إن سلم ثبوتها (الاستقلال بالعلية) لجواز أن يكون المدار جزءا أخيرا من العلة المستقلة (ثم يبطل ما قاله) أبو الحسين (أمران * الأول إن من كان قبله) من الأمة كانوا (بين منكرين لإيجاد العبد فعله ومعترفين به مثبتين له بالدليل فالموافق والمخالف له اتفقوا على نفي الضرورة) عن هذا المتنازع فيه أما نفي المخالف فظاهر وأما نفي الموافق فلاستدلاله عليه (فكيف يسمع منه نسبة كل العقلاء إلى إنكار الضرورة) فيه * الأمر (الثاني إن كل سليم النقل إذا اعتبر
____________________
بالفعل ولا يتصور مثله في إرادة العبد لأنها مخلوقة لله تعالى وواجب كونها مع الفعل بالدليل الذي مر في موقف الأعراض فتأمل (قوله واعلم أن هذا الاستدلال إنما يصلح إلزاما الخ) لا حاجة إلى هذا لجواز أن يعمم المرجح المذكور في الدليل إلى الداعي والإرادة الجازمة ثم لما كان اختيار العبد بمحض خلق الله تعالى ووجب مقارنة تعلقه