شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٥١
مع الاشتراك في الدليل دليل على بطلان الدليل) وإنما يندفع النقض إذا بين عدم جريان الدليل في صورة التخلف (وفيه) أي في هذا الرد (نظر فإن مآله) أي مآل ما ذكر من الفرق بين إرادة العبد وإرادة الباري (إلى تخصيص المرجح في قولنا ترجح فعله يحتاج إلى مرجح بالمرجح الحادث) فإن المرجح القديم المتعلق إذ لا بالفعل الحادث في وقت لا يحتاج إلى مرجح آخر فيصير الاستدلال هكذا أن نمكن العبد من الفعل والترك ونوقف الترجيح على مرجح وجب أن لا يكون ذلك المرجح منه وإلا كان حادثا محتاجا إلى مرجح آخر ولا يتسلسل بل ينتهي إلى مرجح قديم لا يكون من العبد ويجب الفعل معه فلا يكون العبد مستقلا فيه وأما فعل الباري فهو محتاج إلى مرجح قديم يتعلق في الأزل بالفعل الحادث في وقت معين وذلك المرجح القديم لا يحتاج إلى مرجح آخر فيكون تعالى مستقلا في الفعل وحينئذ لا يتجه النقض (ويتم الجواب) ولما كان القائل أن يقول إذا وجب الفعل مع ذلك المرجح القديم كان موجبا لا مختارا أشار إلى دفعه بقوله (وأما استلزام ذلك لوجوب الفعل منه فقد عرفت جوابه) وهو أن الوجوب المترتب على الاختيار لا ينافيه بل يحققه فإن قلت نحن نقول اختيار العباد أيضا يوجب فعله وهذا الوجوب لا ينافي كونه قادرا مختارا قلت لا شك أن اختياره حادث وليس صادرا عنه باختياره وإلا نقلنا الكلام إلى ذلك الاختيار وتسلسل بل عن غيره فلا يكون هو مستقلا في فعله باختياره بخلاف إرادة الباري تعالى فإنها مستندة إلى ذاته فوجوب الفعل بها لا ينافي استقلاله في القدرة عليه لكن يتجه أن يقال استناد إرادته القديمة إلى ذاته بطريق الايجاب دون القدرة فإذ وجب الفعل بما أوليس اختياريا له تطرق إليه شائبة الايجاب
____________________
عرفت أن سياق الكلام على إرادة الداعي من المرجح في أصل الدليل فتأمل (قوله بل ينتهي إلى مرجح قديم) فيه بحث أن المراد بالمرجح القديم هو الإرادة القديمة كما دل عليه قوله فقد عرفت جوابه فلا نسلم السياق إذ قد تحققت باعترافه أن مبنى الكلام على وجوب الداعي في الفعل الاختياري (قوله بل عن غيره فلا يكون هو الخ) فيه بحث وهو أن انتفاء صدور المرجح عن العبد باختياره لا يستدعي صدوره عن غيره لجواز أن يكون صادرا عنه من غير اختياره بلا لزوم التسلسل وقولهم كل حادث مسبوق بالاختيار متفرع على أن لا مؤثر في الوجود إلا الله تعالى وإلا فالإحراق الحادث يستند إلى النار الحادث بالإيجاب وذلك ههنا أول المسألة اللهم إلا أن يبنى الكلام على اعتراف الخصم بصدوره عن غيره فتأمل (قوله تطرق إليه شائبة الايجاب) يعني فلا فرق حينئذ بين أفعال الله تعالى وأفعال العباد في الاضطرارية نعم بينهما فرق باعتبار أن الله تعالى مستقل في أفعال لصدور المرجح عنه والعبد ليس بمستقل في أفعاله لصدور المرجح عن غيره والحق أن الفعل وإن وجب بعد تعلق إرادته تعالى لكن لا يلزم الايجاب لأن التعلق أوليس بلازم لها بل هو مسبوق بتعلق آخر لا إلى نهاية كما مر مرارا وقد لا يسبقه تعلق آخر فلا يتعلق
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344