شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٤٦
وحدها) وليس لقدرتهم تأثير فيها بل الله سبحانه أجرى عادته بأن يوجد في العبد قدرة واختيارا فإذا لم يكن هناك مانع أوجد فيه فعله المقدور مقارنا لهما فيكون فعل العبد مخلوقا لله إبداعا وإحداثا ومكسوبا للعبد والمراد بكسبه إياه مقارنته لقدرته وإرادته من غير أن يكون هناك منه تأثير أو مدخل في وجوده سوى كونه محلا له وهذا مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري (وقالت المعتزلة) أي أكثرهم هي (واقعة بقدرة العبد وحدها) على سبيل الاستقلال بلا إيجاب بل باختيار (وقالت طائفة) هي واقعة (بالقدرتين) معا ثم اختفلوا
____________________
أو باستثنائه عن الكلية كما مر مع ما فيه في بحث الكلام ثم إن البحث يعم الحيوانات العجم أيضا كما صرح به في أبكار الأفكار والمنقذ ولما لم يكن للنزاع في أفعالها الاختيارية كثير فائدة لم يتعرض لها وقال في أن أفعال العباد الخ (قوله فإذا لم يكن هناك مانع الخ) قلت هذه الشرطية مستدركة فإن الكلام مسوق على قواعد أهل السنة والقدرة عندهم مع الفعل البتة إيجاد القدرة في العبد لا مجال للمانع أصلا قلت أوليس قوله فإذا لم يكن هناك مانع الخ متفرعا على إيجاد القدرة بل على جريان عادته تعالى بأن يوجد فيه ذلك والمعنى لما كان عادته تعالى جارية بذلك فإذا لم يكن هناك مانع لصدور الفعل عن العبد أوجد الله تعالى فيه فعلا مقارنا لإيجاد القدرة فعلى هذا الاستدراك فتدبر (قوله وهذا مذهب الشيخ) قيل عليه ثبوت القدرة إنما يعلم بأثرها من الفعل ولما لم يكن لقدرة العبد أثر عند الأشعري فمن أين يعلم ثبوتها ويرد على الجبرية النافين لها مطلقا والوجدان إنما يشهد بثبوت الشعور والإرادة فينا وليسا بأثرين للقدرة والجواب أن الضرورة تشهد بوجود القدرة منضما إلى الإرادة في الأفعال الاختيارية دون غيرها وإن لم تشهد بتأثيرها كما سيصرح به (قوله أي أكثرهم) احتراز عن النجار كما سيظهر بل عن أبي الحسين أيضا كما يقتضيه سياق كلام المصنف وإن كان محل بحث (قوله بلا إيجاب بل باختبار) لا خفاء أنه لا يظهر من المتن فرق بين مذهب المعتزلة والحكماء لأن المعتزلة قائلون بأن الله تعالى خالق القوى والقدر فأشار الشارح إلى الفرق بينهما بأن وقوع الفعل عند المعتزلة على سبيل الاختيار وعند الحكماء على سبيل الوجوب لكنه غير تام لأن عدم الايجاب إنما هو بالنسبة إلى نفس القدرة وأما مع تمام الشرائط من الإرادة وغيرها فليس إلا الوجوب اللهم إلا أن يقال مذهب المعتزلة أن صدور الفعل عن المختار ولو بعد تمام الشرائط على سبيل الصحة دون الوجوب بناء على كفاية الرجحان في الوقوع وإن كان مردودا عند المحققين كما سبق وههنا احتمالان آخران أحدهما أن يقال ذات القدرة لا توجب الفعل عند المعتزلة إنما الايجاب من التعلق الذي يجوز أن يكون بدله تعلق آخر وعند الحكيم ذات القدرة توجب التعلق المخصوص الموجب للفعل بأن تكون القدرة المؤثرة عندهم مع الفعل كما أن القدرة الكاسبة عندنا كذلك والاحتمال الثاني أن يريد الحكماء بتعلق قدرة الله تعالى بقدرة العبد تعلقها بها من حيث تأثيرها في الفعل حتى يكون قدرة العبد كالآلة لقدرة الله تعالى وهي توجب الفعل بواسطتها وعلى هذا يحصل الفرق بين مذهب الحكماء والمعتزلة ويندفع الاعتراض على القاضي بأنه لا معنى لنفي كون قدرة العبد متعلقة بقدرة الله تعالى لكنه خلاف ما اشتهر عن الحكماء من إثبات القدرة المؤثرة للعبد بالنسبة إلى فعله الاختياري كما يفهم من الضابطة المذكورة أيضا ويدل عليه تنصيص الآمدي في أبكار الأفكار على أن فعل العبد عند إمام الحرمين واقع بقدرته مع تصريح المصنف بأنه موافق للحكماء في المذهب فالأظهر
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344