القبض والتسليم مع جهالة المقدار، فغايته اعتبار تعيينه في الواقع ونفس الأمر، وإن لم يكن معلوما في الظاهر، وهو متعين في علم الله بالنسبة إلى المسلمين المالكين لتلك الأراضي. فإذا: الأقوى إنها لهم على جهة الملكية للرقبة دون الاختصاص، لكن هل هي لهم بمعنى أنه لكافة آحادهم على سبيل الاستغراق الافرادي كما يعطيه ظاهر النسبة إلى جميع المسلمين، أو لكافتهم أو قاطبتهم في الصحيحة الأولى ومعقد بعض الاجماعات المحكية، أو هي لهم على الجنسية والنوعية الكليين كالأمثلة المتقدمة من الخمس والزكاة - وجهان - ويتبع ملكية الرقبة ملكية ارتفاعها، ففي تعيين صرفها لخصوص المصالح العامة المستوية فيها آحاد المسلمين، أو هو لمطلق المصالح الراجعة لنوعهم، وإن اختصت المصلحة ببعضهم دون بعض: وجهان، مبنيان - كما عرفت - على كيفية الملكية للرقبة، فإن قلنا بكونها لآحاد المسلمين كافة - كان نماؤها التابع لها في الملكية لآحادهم - أيضا - وحيث يتعذر التوزيع والقسمة بين الكل تعين الصرف في المصلحة الراجعة إلى الكل كمعونة الغزاة ومؤنة الولاة والقضاة ومطلق ما يرجع إلى تقوية الدين ومصالح كافة المسلمين، كبناء المساجد والقناطر، فإن الحقية ثابتة لكل واحد منهم وإن لم يتفق له فعلية الانتفاع، ضرورة أنه لا معنى لكون الرقبة ملكا لكل واحد منهم، ويختص بنمائها البعض، وإن قلنا بملكيتها لكلي المسلمين ونوعهم جاز دفع نمائها للبعض الصادق عليه النوع والكلي، بل أمكن أن يقال بجواز دفع عليه الرقبة - كلا أو بعضا - له، لصدق النوع عليه، فتكون من دفع المملوك إلى مالكه، إلا أن يقال بظهور الأخبار وكلمات الأصحاب على الملكية المؤبدة لهم وصرف ارتفاعها عليهم كالأعيان الموقوفة لغرض تأبيد العين وتسبيل المنفعة. لم أر في كلماتهم تنقيحا لذلك.
وظاهر بعض الأخبار ومعقد الاجماعات، وإن اقتضت ملكية الرقبة.