أبو الحسن محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه... عن محمد بن سنان، قال: وجه المنصور إلى سبعين رجلا من أهل بابل (1)، فقال لهم: ويحكم، إنكم تزعمون أنكم ورثتم السحر عن آبائكم أيام موسى (عليه السلام)، وإنكم تفرقون بين المرء وزوجه، وإن أبا عبد الله جعفر بن محمد ساحر مثلكم، فاعملوا شيئا من السحر، فإنكم إن أبهتموه أعطيتكم الجائزة العظيمة والمال الجزيل. فقاموا إلى المجلس الذي فيه المنصور وصوروا له سبعين صورة من صور السباع لا يأكلون ولا يشربون، وإنما كانت صور، وجلس كل واحد منهم تحت صورته، وجلس المنصور على سريره، ووضع إكليله على رأسه.
ثم قال لحاجبه ابعث إلى أبي عبد الله [جعفر]. قال: فدخل عليه، فلما أن نظر (عليه السلام) إليه وإليهم وبما استعدوا له، رفع يده إلى السماء [ودعا] ثم تكلم بكلام بعضه جهرا وبعضه خفيا، ثم قال (عليه السلام): ويحكم، أنا الذي أبطل سحركم، أنا حجة الله الذي أبطل سحر آبائكم في أيام موسى بن عمران. ثم نادى برفيع صوته قسورة خذهم [بإذن الله] فوثب كل سبع منها على صاحبه فافترسه في مكانه، ووقع المنصور عن سريره وهو يقول: يا أبا عبد الله أقلني، فوالله لا عدت لمثلها أبدا.
فقال (عليه السلام) له: قد أقلتك وعفوت عنك.
قال: يا سيدي، فرد السباع إلى ما أكلوا، قال (عليه السلام): هيهات إن عادت عصا موسى فستعود السباع (2).
* * *