في سواد صنعاء ونواحيها مع سواد عمان شراة غالية، وبقية الحجاز وأهل الرأي بعمان وجهرة، وصعدة، شيعة، والغالب على صنعاء أصحاب أبي حنيفة والجوامع بأيديهم، وفي نواحي نجد واليمن مذهب سفيان، وفي العراق الغلبة ببغداد للحنابلة والشيعة، وبه مالكية وأشعرية، وبالكوفة الشيعة إلا الكناسة فإنها سنية، وأكثر أهل البصرة قدرية وشيعة، وثم حنابلة، وببغداد غالية يفرطون بحب معاوية.
وهنا يحدثنا المقدسي عن دخوله جامع واسط واستماعه لقصاص يقص على الناس حديثا عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الله يدني معاوية يوم القيامة فيجلسه إلى جنبه ثم يجلوه على الخلائق كالعروس. قال المقدسي: فقلت له: بماذا؟
بمحاربته عليا (رضي الله عنه)؟ كذبت يا ضال. فصاح: خذوا هذا الرافضي، فأقبل الناس علي، فعرفني بعض الكتبة فكرهم عني.
في إقليم أقور، وهو اليوم شمال العراق - أي: الموصل ونواحيها - مذهبهم سنة وجماعة، إلا عانة فإنها كثيرة معتزلة ولا ترى في الرأي غير مذهب أبي حنيفة والشافعي، وفيها حنابلة، وجلية للشيعة. وإقليم الشام مذاهبهم مستقيمة أهل جماعة وسنة، وأهل طبرية ونصف نابلس وأكثر عمان شيعة، ولا ترى فيهم مالكيا، والعمل كان فيه على مذهب أصحاب الحديث.
إقليم مصر على مذهب أهل الشام، غير أن أكثر الفقهاء مالكيون، ألا ترى أنهم يصلون قدام الإمام ويربون الكلاب؟ وأعلى القصبة شيعة وسائر المذاهب في الفسطاط موجودة ظاهرية.
وأما إقليم المغرب: فالمذاهب فيها على ثلاثة أقسام، وأما في الأندلس فمذهب مالك، وقراءة نافع، وهم يقولون: لا نعرف إلا كتاب الله وموطأ مالك، فإن ظهروا على الحنفي أو الشافعي نفوه، وإن عثروا على المعتزلي أو الشيعي ونحوهما ربما قتلوه.