وهي " كلمة حق يراد بها باطل " كما قال (عليه السلام)، كما هي خدعة حربية استعملها معاوية بإشارة من عمرو بن العاص عندما أحس بالهزيمة، ولمس الضعف في جيشه، وعرف تفوق علي بحقه، وأن الحق مع علي (عليه السلام)، وقد انتظم لجيشه رجال مخلصون قد رسخ الإيمان في قلوبهم من الصحابة والتابعين.
فأراد معاوية أن يوقع الشك في نفر من الذين لم يتركز الإيمان في قلوبهم ومرقوا من الدين، مروق السهم من الرمية، وهم المخدوعون الذين أجبروا الإمام على قبول التحكيم، وكان على رأسهم الأشعث بن قيس المرتد، والذي يبدو من حركته الانقلابية إنه كان على اتفاق مسبق مع معاوية. وبعد ما تبين لهم خدعة رفع المصاحف ومهزلة التحكيم احتجوا على الإمام قبوله التحكيم.
وعلى أي حال (1)، فقد تكونت هذه الفرقة من عناصر مختلفة، وظهرت منهم مخالفة الإمام علي (عليه السلام) وتجرأوا على مقامه، ونسبوا إليه ما لا يليق بشأنه.
وقد نظموا أمورهم، وقاموا بأمر لم يكن وليد وقته، وإنما هو أمر مدبر من ذي قبل، فكانت من جرائها حرب النهروان، وقضى الإمام علي (عليه السلام) على زعمائهم بعد النصائح والأعذار.
وقبل واقعة النهروان تلبسوا بالظلم إلى أبعد حد، وأباحوا دماء جميع المسلمين، وخضبوا البلاد الإسلامية بالدماء، وكانوا يتشددون في عقيدتهم، ويرون إباحة دماء المسلمين الذين يخالفون عقيدتهم، فالمسلم المخالف لهم لا عصمة لدمه وعرضه وماله.