أن الإيمان اعتقاد بالقلب، وإن أعلن الكفر بلسانه وعبد الأوثان، أو لزم اليهودية والنصرانية وعبد الصليب، وأعلن التثليث في دار الإسلام ومات على ذلك، فهو مؤمن كامل الإيمان عند الله، وهو ولي الله، ومن أهل الجنة، ذكر ذلك ابن حزم.
وكلمة الإرجاء على معنيين:
أحدهما: التأخير، يقال: أرجيته وأرجأته، إذا أخرته، ومنه قوله تعالى:
(قالوا أرجه وأخاه) أي أمهله وأخره، وسموا مرجئة لأنهم أخروا العمل عن الإيمان.
ثانيهما: إعطاء الإرجاء، أما إطلاق اسم - المرجئة - على الجماعة بالمعنى الثاني فظاهر، لأنهم كانوا يقولون: لا يضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة.
ولقد اضطربت الأقوال حول نشأة هذه الفرقة وبدء تكوينها، ولم نستطع بهذه العجالة تحديد ذلك على وجه التحقيق.
يقول النوبختي: لما قتل علي (عليه السلام) اتفقت بقية الناكثين والقاسطين وتبعة الدنيا، فقد التقت الفرقة التي كانت مع علي (عليه السلام) والفرقة التي كانت مع طلحة والزبير وعائشة، فصاروا فرقة واحدة مع معاوية بن أبي سفيان إلا القليل منهم من شيعة علي ومن قال بإمامته بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهم السواد الأعظم وأهل الحشو وأتباع الملوك وأعوان كل من غلب، أعني الذين التقوا مع معاوية فسموا جميعا (المرجئة) لأنهم توالوا المختلفين جميعا وزعموا أن أهل القبلة كلهم مؤمنون بإقرارهم الظاهر بالإيمان ورجوا لهم جميعا المغفرة (1).