وقالت (1) المعتزلة: إن الإمامة يستحقها كل من كان قائما بالكتاب والسنة، فإذا اجتمع قرشي ونبطي وهما قائمان بالكتاب والسنة ولينا القرشي، والإمامة لا تكون إلا بإجماع الأمة واختيار ونظر.
وقال الشيخ المفيد (رحمه الله) في أوائل المقالات في المذاهب والمختارات (2):
اسم الاعتزال هو لقب حدث لها عند القول بالمنزلة بين المنزلتين، وما أحدثه واصل بن عطاء من المذهب في ذلك، ونصب من الاحتجاج له، فتابعه عمرو ابن عبيد، ووافقه على التدين بمن قال بها، ومن اتبعهما عليه إلى اعتزال الحسن البصري وأصحابه والتحيز عن مجلسه، فسماهم الناس: المعتزلة؛ لاعتزالهم مجلس الحسن، ولم يكن قبل ذلك يعرف الاعتزال، ولا كان علما على فريق من الناس، فمن وافق المعتزلة فيما تذهب إليه من المنزلة بين المنزلتين كان معتزليا على الحقيقة.
اتفق أهل الإمامة على أنه لا بد في كل زمان من إمام موجود يحتج الله عز وجل به على عباده، واجتمعت المعتزلة على خلاف ذلك وجواز خلو الأزمان الكثيرة من إمام موجود. وأفكار المعتزلة لا تعدو واحدا من أمور ثلاثة:
الأول: إن واصل بن عطاء الغزال كان يتبنى رأي معبد الجهني وغيلان الدمشقي في أفعال الإنسان، وإنه هو وحده الذي يصنع أفعاله بدون أن يكون لله أي أثر في ذلك، وهما أول من أظهر القول بالقدر بمعنى الاختيار المطلق.
وقد أضمر واصل هذه العقيدة وأخفاها عن رفقائه وأستاذه الحسن البصري، فيكون وصفه بالاعتزال لأنه اعتزل رأي الجمهور الأكبر القائل بالقدر