وقال الصادق في قوله (دنا فتدلى): لما قرب الحبيب من الحبيب بغاية القرب نالته غاية الهيبة. فلاطفه الحق بغاية اللطف لأنه لا تحمل غاية الهيبة إلا غاية اللطف. وذلك قوله (فأوحى إلى عبده ما أوحى) أي كان ما كان وجرى ما جرى وقال الحبيب ما يقول الحبيب لحبيبه وألطف له ألطاف الحبيب لحبيبه وأسر إليه ما يسر الحبيب إلى حبيبه. فأخفيا ولم يطلعا على سرهما أحدا سواهما. فلذلك قال (فأوحى إلى عبده ما أوحى) ولا يعلم أحد ذلك الوحي إلا الذي أوحى والذي أوحي إليه.
﴿ما كذب الفؤاد ما رأى﴾ (١)، قال جعفر: لا يعلم أحد ما الذي رأى إلا الذي أرى والذي رأى. صار الحبيب من الحبيب قريبا وله نجيا وبه أنيسا.
قال الله تعالى: ﴿نرفع درجات من نشاء﴾ (٢).
﴿لقد رأى من آيات ربه الكبرى﴾ (٣)، قال جعفر: شاهد من علامات المحبة ما كبر عن الإخبار عنها.
﴿هو أعلم بكم﴾ (4)، قال جعفر: أعلم بكم لأنه خلقكم وقدر عليكم الشقاوة والسعادة قبل إيجادكم. فأنتم منقلبون فيما أجري عليكم في السبق من الأجل والرزق والسعادة والشقاوة ولا تستجلب الطاعات سعادة ولا المخالفات شقاوة ولكن سابق المقدور هو الذي يختم بما بدى.