وقد رأى الإمام الباقر (عليه السلام) على المنبر يلقي دروسه ومحاضراته على تلاميذه، فسلم عليه، فرد الإمام السلام عليه، وتوقف عن الدرس تكريما له، فأصر الوليد عليه أن يستمر في تدريسه، وكان موضوع الدرس " الجغرافيا " فاستمع الوليد، وبهر من ذلك فسأل الإمام " ما هذا العلم؟! ".
فأجابه الإمام (عليه السلام): إنه علم يتحدث عن الأرض والسماء والشمس والنجوم.
ووقع نظر الوليد على الإمام جعفر الصادق، فسأل عامله عمر بن عبد العزيز:
" من يكون هذا الصبي بين الرجال؟! ".
فأجابه قائلا: " إنه جعفر بن محمد "، وأسرع الوليد قائلا: " هل هو قادر على فهم الدرس واستيعابه؟ "، فعرفه عمر بما يملك الصبي من قدرات علمية، قائلا: " إنه أذكى من يحضر درس الإمام وأكثرهم سؤالا ونقاشا ".
بهر الوليد وتعجب، فاستدعاه بالوقت، فلما مثل بادر قائلا: " ما اسمك؟ "، أجابه الصبي بطلاقة قائلا: " اسمي جعفر ".
وأراد الوليد امتحانه، فقال له: " أتعلم من كان صاحب المنطق ومؤسسه؟ " فأجابه الصبي: " كان أرسطو ملقبا بصاحب المنطق، لقبه إياه تلاميذه وأتباعه ".
ووجه الوليد إليه سؤالا ثانيا قائلا: " من صاحب المعز؟ "، فأنكر عليه الإمام ذلك وقال: " ليس هذا اسما لأحد، ولكنه اسم لمجموعة من النجوم، تسمى ذو الأعنة " (1).
واستولت الحيرة والذهول على الوليد، فلم يدر ما يقول، وتأمل كثيرا