الإيصال في هذا الطريق، بل إنما طلبت منه الذهاب من هذا الطريق، فإن المراد بقولك: (اذهب) ليس إلا ما يعبر عنه بالفارسية ب (برو) وليس هذا إلا طلبا.
نعم لما علم أن هذا الطلب إنما هو من جهة اقتضاء المصلحة - أي مصلحة المأمور به - فيفهم أن الأمر المرشد إليه مما فيه المصلحة لذلك، نظير الأوامر الشرعية الوجوبية أو الندبية، حيث إنه لا ريب أن المراد بها الطلب لا غير، لكنا لما علمنا من الخارج أنه لا يأمر إلا عن مصلحة كامنة في المأمور به، فنعلم أن هناك مصالح، فكما أن ذلك الانفهام [1] لا يوجب كون الأوامر المذكورة إخبارات فكذلك الكلام فيما نحن فيه.
وأيضا لا يتوقف تحقق الطلب على ثبوت اقتضاء في نفس الطالب بالنسبة إلى الفعل المطلوب، إذ ليس حقيقة الطلب إلا حمل المأمور على المأمور به، إلا أن منشأه قد يكون الاقتضاء في نفس الآمر، فيكون لخصوصية الآمر مدخلية في الأمر، فيكون حينئذ وجوبا أو ندبا، وقد يكون مجرد مصلحة الشيء المأمور به من دون اقتضاء له، بحيث يمكن اجتماعه مع بغضه إلى وقوع الفعل في الخارج، فيكون طلبه حينئذ من لسان المصلحة بحيث لا يدخل خصوصية نفسه في هذا الأمر، فيكون إرشادا.