تقريرات آية الله المجدد الشيرازي - المولى علي الروزدري - ج ٢ - الصفحة ١٧
الإيصال في هذا الطريق، بل إنما طلبت منه الذهاب من هذا الطريق، فإن المراد بقولك: (اذهب) ليس إلا ما يعبر عنه بالفارسية ب‍ (برو) وليس هذا إلا طلبا.
نعم لما علم أن هذا الطلب إنما هو من جهة اقتضاء المصلحة - أي مصلحة المأمور به - فيفهم أن الأمر المرشد إليه مما فيه المصلحة لذلك، نظير الأوامر الشرعية الوجوبية أو الندبية، حيث إنه لا ريب أن المراد بها الطلب لا غير، لكنا لما علمنا من الخارج أنه لا يأمر إلا عن مصلحة كامنة في المأمور به، فنعلم أن هناك مصالح، فكما أن ذلك الانفهام [1] لا يوجب كون الأوامر المذكورة إخبارات فكذلك الكلام فيما نحن فيه.
وأيضا لا يتوقف تحقق الطلب على ثبوت اقتضاء في نفس الطالب بالنسبة إلى الفعل المطلوب، إذ ليس حقيقة الطلب إلا حمل المأمور على المأمور به، إلا أن منشأه قد يكون الاقتضاء في نفس الآمر، فيكون لخصوصية الآمر مدخلية في الأمر، فيكون حينئذ وجوبا أو ندبا، وقد يكون مجرد مصلحة الشيء المأمور به من دون اقتضاء له، بحيث يمكن اجتماعه مع بغضه إلى وقوع الفعل في الخارج، فيكون طلبه حينئذ من لسان المصلحة بحيث لا يدخل خصوصية نفسه في هذا الأمر، فيكون إرشادا.

[1] ذكر علماء النحو والتصريف - كالزنجاني في تصريفه والسعد في شرحه على ما جاء في (تدريج الأداني إلى قراءة شرح السعد على تصريف الزنجاني: 29)، وابن الحاجب في شافيته، والرضي (ره) في شرحها 1 - 108 -: أن (انفعل) مطاوع (فعل)، ولا يبني إلا من فعل فيه علاج - أي إيجاد الفعل بالجوارح الظاهرة - وتأثير - أي إيجاد الأثر الظاهر للحواس الظاهرة كالقطع - مثل: قطعته فانقطع وكسرته فانكسر، وعليه فلا يقال: انكرم وانعلم وانفهم وانعدم، إذ لا علاج في الجميع ولا تأثير. قال ابن الحاجب في شافيته، (ومن ثم قيل:
انعدم خطأ). ومع هذا فقد تسامح علماؤنا (رض) في هذا البناء، عناية منهم بإيصال المقصود من أقرب طريق.
(١٧)
مفاتيح البحث: الوقوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست