فوجد المقتضي للآخر لوجد ذلك الآخر، ويرتفع ما وجد قبله في المحل، ويرى تأثير المقتضي لذلك الآخر فيه حينئذ كتأثيره فيه حال خلو المحل عن جميع الأضداد، وهذا كما في السواد مع البياض، فإنهما ضدان بالضرورة، مع أن الثاني لا يمنع من وجود الأول إذا كان موجودا قبله، بل متى تحقق المقتضي للسواد يؤثر فيه حال اشتغال المحل بالبياض كتأثيره فيه حال خلوه عنه، ويرتفع البياض بمجرد تحقق المقتضي له، وكما في كل لون قوي مع الأضعف منه من الألوان، ضرورة أن كل قوي من لون مضاد مع الضعيف () منه، مع أن حال القوي بالنسبة إلى الضعيف حال السواد بالنسبة إلى البياض، وهذا بديهي غني عن الاحتجاج عليه.
فيتضح من ذلك أن التمانع ليس صفة لازمة للضدين من حيث إنهما ضدان، وإلا لما انفك عنهما، فيظهر فساد دعوى مقدمية ترك أحدهما للآخر لذلك.
ومن هنا ظهر أيضا اندفاع دعوى المقدمية من جهة أن انتفاء الآخر شرط لقابلية المحل لوجود ضده فيه، فإن التوقف من هذه الجهة أيضا متضح الفساد مما ذكرنا في الأمثلة المذكورة من الأضداد.
وتوضيحه: أن القوي من الألوان - مع كونه مضادا () مع الضعيف منها - لا يتوقف وجوده على ارتفاع الضعيف عن المحل قبله، بل يوجد مع اشتغال المحل به، ويرفعه بمجرد وجوده [1]، فظهر أن وجود الضعيف لا يوجب خروج