الأعمال الذي يترتب عليه لا محالة أفضل الآثار.
وثالثا: أن الأعمال في قول النبي صلى الله عليه وآله: (أي الأعمال أفضل؟) ظاهر في الأعمال الظاهرية، مع أن الله تعالى أجابه بما يكون عملا قلبيا، ففي جوابه تعالى إشارة إلى فضل العمل القلبي، إذ هو في الحقيقة منشأ وأصل للأعمال الظاهرية.
ورابعا: أن هاتين الجملتين وما ذكر في ذيلها من الآيات والروايات، ليست في مقام بيان تقاعد الانسان عن العمل وترك تهيئة الأسباب بالكلية، فإن معنى الرضا عن الله تعالى ليس هو التوقف عن النشاطات الفردية والاجتماعية التي لا بد للانسان منها في حياته، بل في مقام بيان أنه في عين الحركة والاقدام على الأمور، لا ينبغي له أن ينظر إلى الأشياء والأسباب نظرا استقلاليا، إذ ما سواه تعالى محتاجون إليه بشراشر وجودهم، وهو غني بالذات، وأزمة الأمور طرا بيده، وهو آخذ بناصيتها، ولكنه تعالى أبى أن يجري الأمور إلا بأسبابها، وأبى أن يعطي أحدا شيئا بلا تهيئة الأسباب وإعداد المقدمات.
والحاصل أن النظر الاستقلالي إلى الأسباب نظر ينفيه صريح الكتاب والسنة، لأن المستمد مما سواه تعالى يستمد في الحقيقة عن الله تعالى، وان لم يكن ما سواه عينه، إذ أصل كل موجود وما يتعلق به، يكون من الله تعالى وبه، وهو مجرد ظل من الكمال المطلق، وفقر مطلق محض، قال الله تعالى: (يا أيها الناس! أنتم الفقراء إلى الله، والله هو الغني الحميد) (1)، فعلى هذا، كيف يصح النظر إلى الأسباب والموجودات نظرا استقلاليا، فالجدير بالالتفات والنظر الاستقلالي، هو الله سبحانه، وأما ما سواه من الأسباب والموجودات، فعلينا أن ننظر إليها آليا ظليا.