المعنوية العالية للعبد.
وأما إذا تعدى الانسان عن حد الاعتدال المطلوب، إلى الافراط والفضول من الكلام والطعام، فكان ذلك لا محالة موجبا للبعد عن ذكر الله تعالى والغرض الأصلي من خلقته، وفي ذلك فساد نفسه، بل ربما يؤدي إلى إفساد غيره، لأن الاسراف وفضول الطعام والكلام يوجب طغيان الغرائز والأميال وإثارة الشهوات والآمال، وعند ذلك تعمل الجوارح والجوانح على خلاف ما خلق الله الانسان له. فيميل العبد عن سلوك طريق الفطرة والوصول إلى غرض الخلقة والفوز بالنعم المعنوية في الدنيا والآخرة.
وهذا هو السر في حصول النتائج العظيمة والفوائد الجليلة لمن يراعي مقتضي الفطرة في أمر الاكل واللسان، وقد ذكرت العمدة من هذه الفوائد المعنوية في قوله عز وجل قبل هذه الجملة: (يا أحمد! إن في الجنة قصرا من لؤلؤة.) إلى قوله: (تلذذ أولئك بذكري وكلامي وحديثي.)، كما مر جميع الكلمات الواردة في الصمت والجوع في هذا الحديث (المعراج) ذيل كلامه عز وجل: (يطوي لسانه، فلا يفتحه إلا بما يعنيه.) (1)، وتقدم ويأتي أيضا في ذيل كل من هذه الجملات بيانات من الكتاب العزيز وأهل العصمة والطهارة. سلام الله عليهم أجمعين