ثلاثا - قلنا - وفي لفظ قالوا - هنيئا مريئا لك يا رسول الله قد بين الله لك ماذا يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فنزلت، وفي لفظ فنزلت عليه: (ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار) [الفتح 5] حتى بلغ (فوزا عظيما) (1).
وروى ابن أبي شيبة، والإمام أحمد، والبخاري في تاريخه، وأبو داود والنسائي، وابن جرير، وغيرهم عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: " أقبلنا من الحديبية " مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبينا نحن نسير إذ أتاه الوحي، وكان إذا أتاه اشتد عليه، فسري عنه وبه من السرور ما شاء الله، فأخبرنا أنه أنزل عليه (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) (2).
وروي البيهقي من طريق المسعودي عن جامع بن شداد عن عبد الرحمن بن أبي علقمة عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: لما أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من " الحديبية " جعلت ناقته تثقل فأنزل الله تعالى (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) فادركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من السرور ما شاء، فأخبرنا أنها أنزلت عليه، فبينا نحن ذات ليلة إذ عرس بناء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من يحرسنا "؟ فقلت أنا يا رسول الله، فقال: " إنك تنام " ثم قال: " من يحرسنا " فقلت:
أنا. فقال: أنت، فحرستهم، حتى إذا كان وجه الصبح أدركني قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنك تنام، فما استيقظت إلا بالشمس، فلما استيقظنا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله لو شاء أن لا تناموا عنها لا تناموا، ولكنه أراد أن يكون ذلك لمن بعدكم "، ثم قام فصنع كما كان يصنع، ثم قال: " هكذا لمن نام أو نسي من أمتي " ثم ذهب القوم في طلبهم رواحلهم فجاءوا بهن غير راحلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " اذهب هاهنا " ووجهني وجها فذهبت حيث وجهني فوجدت زمامها قد التوى بشجرة ما كانت تحلها الأيدي. قال البيهقي:
كذا قال المسعودي عن جامع بن شداد: إن ذلك كان حين أقبلوا من الحديبية (3)، ثم روى من طريق شعبة - وناهيك به عن جامع بن شداد عن عبد الرحمن بن أبي علقمة عن ابن مسعود قال: أقبلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة تبوك قال البيهقي: يحتمل أن يكون مراد المسعودي بذكر الحديبية تاريخ نزول السورة حين أقبلوا من الحديبية فقط، ثم ذكر معه حديث النوم عن الصلاة، وحديث الراحلة، وكانا في غزوة تبوك قلت لم ينفرد المسعودي بذلك، قال ابن أبي شيبة في المصنف: حدثنا منذر عن شعبة عن جامع بن شداد به، ولا مانع من التعدد.