السمرة، أين أصحاب سورة البقرة، قال: والله لكأنما عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها.
وفي حديث عثمان بن شيبة عند أبي القاسم البغوي، والبيهقي " يا عباس، أصرخ بالمهاجرين الذين بايعوا تحت الشجرة، وبالأنصار الذين آووا ونصروا " قال: فما شبهت عطفة الأنصار على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا عطفة الإبل على أولادها. حتى ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنه في حرجة، فلرماح الأنصار كانت أخوف عندي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من رماح الكفار - انتهى. فقالوا: يا لبيك يا لبيك يا لبيك. قال: فيذهب الرجل يثني بعيره ولا يقدر على ذلك، أي لكثرة الاعراب المنهزمين - كما ذكره أبو عمر بن عبد البر - فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه ويأخذ سيفه وترسه ويقتحم عن بعيره، فيخلي سبيله، فيؤم الصوت حتى ينتهي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا اجتمع منهم مائة، استقبلوا الناس فاقتتلوهم والكفار، والدعوة في الأنصار يا معشر الأنصار، ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج، وكانوا صبرا عند الحرب، وأشرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ركابيه، فنظر إلى مجتلدهم وهم يجتلدون وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " هذا حين حمي الوطيس، ثم أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حصيات فرمى بهن وجوه الكفار، ثم قال: " انهزموا ورب محمد " فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى، فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياته فما زلت أرى حدهم كليلا وأمرهم مدبرا، فوالله ما رجع الناس إلا وأسارى عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكتفون، قتل الله تعالى - منهم من قتل، وانهزم منهم من انهزم وأفاء الله تعالى على رسوله أموالهم ونساءهم وأبناءهم (1).
وروى ابن سعد، وابن أبي شيبة، والإمام أحمد، وأبو داود، والبغوي في معجمة، والطبراني وابن مردويه، والبيهقي برجال ثقات عن أبي عبد الرحمن بن يزيد الفهري - يقال اسمه كرز - رضي الله تعالى عنه - قال: كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حنين في يوم قائظ شديد الحر، فنزلنا تحت ظلال السمر، فلما زالت الشمس لبست لامتي، وركبت فرسي فاتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في فسطاطه، فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمته، الرواح قد حان، الرواح يا رسول الله، قال: " أجل " ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يا بلال " فثار من تحت سمرة كان ظله طائر، فقال: لبيك وسعديك، وأنا فداؤك. قال: " أسرج لي فرسي " فاتاه بسرج دفتاه من ليف ليس فيهما أشر ولا بطر، فركب فرسه، ثم سرنا يومنا، فلقينا العدو، وتشامت الخيلان، فقاتلناهم فولى المسلمون مدبرين كما قال الله تعالى، فجعل رسول