وروى الإمام أحمد، والطبراني، والحاكم، وأبو نعيم، والبيهقي برجال ثقات عن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - قال: كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين، فولى الناس عنه، وبقيت معه في ثمانين رجلا من المهاجرين والأنصار، فقمنا على أقدامنا ولم نولهم الدبر، وهم الذين أنزل الله - تعالى - عليهم السكينة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بغلته لم يمض قدما، فحادت به بغلته فمال عن السرج، فقلت له ارتفع رفعك الله. فقال: " ناولني كفا من تراب " فناولته، فضرب وجوههم فامتلأت أعينهم ترابا، ثم قال: " أين المهاجرون والأنصار؟ " قلت: هم أولاء، قال: " اهتف بهم " فجاؤوا وسيوفهم بايمانهم كأنها الشهب، وولى المشركون أدبارهم (1).
وروى ابن أبي شيبة والإمام أحمد، والحاكم، وابن مردويه، والبيهقي عن أنس - رضي الله عنه - قال: جاءت هوازن يوم حنين بالنساء والصبيان والإبل والغنم فجعلوهم صفوفا، ليكثروا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالتقى المسلمون والمشركون، فولى المسلمون مدبرين - كما قال الله تعالى - وبقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحده فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله " ونادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نداءين لم يخلط بينهما كلاما، فالتفت عن يمينه فقال: " يا معشر الأنصار أنا عبد الله ورسوله " فقالوا: " لبيك يا رسول الله، نحن معك " ثم التفت عن يساره فقال: يا معشر الأنصار أنا عبد الله ورسوله، فقالوا: لبيك يا رسول الله نحن معك فهزم الله تعالى المشركين، ولم يضرب بسيف، ولم يطعن برمح (2).
وروى ابن سعد وابن أبي شيبة، والبخاري، وابن مردويه، والبيهقي من طرق عن أبي إسحاق السبيعي - رحمه الله تعالى - قال: جاء رجل من قيس إلى البراء بن عازب - رضي الله عنهما - فقال: أكنتم وليتم؟ وفي رواية: أوليت؟ وفي أخرى: أوليتم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟
وفي أخرى: أفررتم يوم حنين يا أبا عمارة؟ فقال: أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه ما ولى، وفي رواية: لا والله ما ولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين دبره، ولكنه خرج بشبان أصحابه وهم حسر ليس عليهم سلاح أو كثير سلاح، فلقوا قوما رماة لا يكاد يسقط لهم سهم فلما لقيناهم وحملنا عليهم انهزموا، فاقبل الناس على الغنائم، فاستقبلونا بالسهام كأنها رجل جراد لا يكادون يخطئون، وأقبلوا هناك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بغلته البيضاء، وأبو سفيان بن الحارث يقود به، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعا واستنفر، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " أنا