لفظة: شبان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس عليهم سلاح أو كثير سلاح، فانا لما حملنا على المشركين انكشفوا، فاقبل الناس على الغنائم، وكانت هوازن رماة فاستقبلتنا بالسهام كأنما رجل جراد، لا يكاد يسقط لهم سهم (1) انتهى.
قال: وكان رجل على جمل له أحمر، بيده راية سوداء على رمح طويل أمام هوازن، وهوازن خلفه، إذا أدرك طعن برمحه، وإن فاته الناس، رفع رمحه لمن وارءه فاتبعوه. فبينما هو كذلك إذ هوى له علي بن أبي طالب، ورجل من الأنصار يريدانه، فاتاه علي بن أبي طالب من خلفه فضرب عرقوبي الجمل، فوقع على عجزه، ووثب الأنصاري على الرجل فضربه ضربة أطن قدمه بنصف ساقه، فانجعف عن رحله، واجتلد الناس، فوالله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الاسرى مكتفين عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق: لما انهزم الناس ورأى من كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جفاة أهل مكة الهزيمة تكلم منهم رجال بما في أنفسهم من الضغن. قال أبو سفيان بن حرب وكان إسلامه - بعد - مدخولا: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر، وإن الأزلام لمعه في كنانته، وصرخ جبلة بن الحنبل - وقال ابن هشام: كلدة بن الحنبل - وأسلم بعد ذلك، وهو مع أخيه لامه صفوان بن أمية، وصفوان مشرك في المدة التي جعل له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا بطل السحر اليوم!! فقال له صفوان: اسكت فض الله فاك! والله أن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن.
وروى محمد بن عمر عن أبي بشير - ككريم - المازني - رضي الله عنهم - قال: لما كان يوم حنين صلينا الصبح، ثم رجعنا على تعبئه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما شعرنا - وقد كاد حاجب الشمس أن يطلع، وقد طلع - إلا بمقدمتنا قد كرب علينا، قد انهزموا، فاختلطت صفوفنا، وانهزمنا مع المقدمة، وأكر، وأنا يومئذ غلام شاب، وقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متقدم فجعلت أقول: يا للأنصار، بابي وأمي، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تولون؟ وأكر في وجوه المنهزمين، ليس لي همة إلا النظر إلى سلامة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى صرت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصيح: " يا للأنصار " فدنوت من دابته، والتفت من ورائها، وإذا الأنصار قد كروا كرة رجل واحد ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقف على دابته في وجوه العدو، ومضت الأنصار أمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقاتلون، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - سائر معهم يفرجون العدو عنه، حتى طردناهم فرسخا، وتفرقوا في الشعاب، حتى فلوا من بين أيدينا، فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى منزله وقبته، وقد ضربت له - والاسرى مكتفون حوله، وإذا نفر حول قبته، وفي قبته زوجاته أم