الذي به تستجنون، وسيفكم (1) الذي به تضربون، أوصيكم به خيرا، وانظروا ابن عمكم عمر بن عبد العزيز، فاصدروا عن رأيه، ولا تخلوا عن مشورته اتخذوه صاحبا لا تجفوه، ووزيرا لا تعصوه، فإنه من علمتم فضله ودينه، وذكاء عقله، فاستعينوا به على كل مهم، وشاوروه في كل حادث (2). قال: ثم دخل عليه خالد وعبد الرحمن ابنا يزيد بن معاوية بن أبي سفيان. فقال لهما: أتحبان أن أسألكما بيعة الوليد وسليمان؟ فقالا: يا أمير المؤمنين، معاذ الله من ذلك. قال: فأومأ بيده إلى مصلى كان مضطجعا عليه، فأخرج من تحته سيفا مصلتا. فقال لهما:
والله لو قلتما غير ذلك لضربت أعناقكما بهذا السيف، ثم خرجا من عنده ودخل عليه عمر بن عبد العزيز. فقال عبد الملك: يا أبا حفص استوص خيرا بأخويك الوليد وسليمان، إن زلا فشلهما وإن مالا فأقمهما، وإن غفلا فذكرهما، وإن ناما فأيقظهما، وقد أوصيتهما بك، وعهدت إليهما أن لا يقطعا شيئا دونك. فقال عمر بن عبد العزيز: يا أمير المؤمنين أوصيتهما بكتاب الله فليقيماه في عباده وبلاده، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فليحيياها، ويحملا الناس عليها؟ فقال عبد الملك: قد فعلت ووليي فيكم الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين. ثم قال: وقد علمت يا عمر مكان فاطمة مني، ومحلها من قلبي، وإني آثرتك بها على جميع آل مروان، لفضلك وورعك، فكن عند ظني بك، ورجائي فيك، وقد علمت أنك غير مقصر، ولا مضيع حقها (3)، ولكن الله قد قضى أن الذكرى تنفع المؤمنين، قوموا عصمكم الله وكفاكم. ثم خرجوا من عنده. قال: ثم دعا عبد الملك بالوليد وسليمان، فدخلا عليه. فقال للوليد: اسمع يا وليد، قد حضر الوداع، وذهب الخداع، وحل القضاء. قال: فبكى الوليد. فقال له عبد الملك: لا تعصر عينيك علي كما