منه، والذي يريده من فسخ ما أنت فيه، فكتب إلى أبي مسلم بذلك، وكان أبو العباس وأبو جعفر لا يسميان عبد الرحمن (يعني أبا مسلم إلا عما). فلما قدم الكتاب إلى أبي مسلم، كتب إلى أبي العباس: إن كان رابك منه ريب فاضرب عنقه. فلما أتاه الكتاب قال له وزراؤه:
إنك لا تأمن من أن يكون ذلك غدرا من أبي مسلم، وأن يكون إنما يريد أن يجد السبيل إلى ما تتخوف منه، ولكن اكتب إليه أن يبعث إليك برجل من قواده يضرب عنقه. فكتب إليه بذلك، وذكر في كتابه: إني لا أقدم ولا أؤخر إلا برأيك. فبعث إليه برجل يقال له مرار الضبي. فلما قدم على أبي العباس أمر ذلك الضبي أن يقعد له في الظلمة، في داخل الإمارة بالكوفة، فإذا خرج ضربه بالسيف برأسه، فقتله، ثم أمر بصلبه. فلما أصبح الناس إذا هم بأبي سلمة مصلوبا على دار الإمارة.
قتل رجال بني أمية بالشام قال: وذكروا أن أبا العباس ولى عمه عبد الله بن علي، الذي يقال له السفاح: الشام، وأمره أن يسكن فلسطين، وأن يجد السير نحوها، وهنأه بما أصاب من أموال بني أمية، وكتب إلى صالح بن علي أن يلحق بمصر واليا عليها. فقدم السفاح فلسطين، وتقدم صالح إلى مصر، فأتاها بعد قتل مروان بيومين، وأن السفاح بعث إلى بني أمية، وأظهر للناس أن أمير المؤمنين وصاه بهم، وأمره بصلتهم، وإلحاقهم في ديوانه، ورد أموالهم عليهم، فقدم عليه من أكابر بني أمية وخيارهم، ثلاثة وثمانون رجلا، وكان فيهم عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك، وأبان بن معاوية بن هشام، وعبد الرحمن بن معاوية، وغيرهم من صناديد بني أمية. فأما عبد الرحمن بن معاوية، فلقيه رجل كان صنع به برا، وأسداه خيرا، وأولاه جميلا. فقال له:
أطعني اليوم في كلمة، ثم اعصني إلى يوم القيامة. فقال له عبد الرحمن: وما أطيعك فيه اليوم؟
فقال له الرجل: أدرك موضع سلطانك، وقاعدتك المغرب، النجاء النجاء، فإن هذا غدر من السفاح، ويريد قتل من بقي من بني أمية. فقال له عبد الرحمن: ويحك إنه كتاب أبي العباس، قدم عليه، يأمره فيه بصلتنا، ورد أموالنا إلينا، وإلحاقنا بالعطاء الكامل، والرزق الوافر.
فقال له الرجل: ويحك أتغفل؟ والله لا يستقر ملك بني العباس، ولا يستول على سلطان، ومنكم عين تطرف. فقال له عبد الرحمن: ما أنا بالذي يطيعك في هذا. فقال الرجل: أفتأذن لي أن أنظر إلى ما تحت ظهرك مكشوفا؟ فقال له: وما تريد بهذا؟ فقال له: أنت والله صاحب الأمر بالأندلس، فاكشف لي، فكشف عبد الرحمن عن ظهره، فنظر الرجل فإذا العلامة