الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ١٢٠
وقال لهم: إن الجزع لا يزيد في الأجل، وإن الصبر لا ينقص الأجل وأقبل القوم فاقتتلوا من وقت صلاة الصبح إلى أن مالت الشمس، فأصيب عبد الله ومحمد ابنا مروان وبنو أبيه أكثرهم، وولد عبد العزيز، وصابر القوم، فلما لم يبق حوله إلا قدر الثلاثين، حمل على القوم فأكردهم (1) ورجع، فجعل أصحابه يفترقون عنه. فلما رأى ذلك نزل عن فرسه وأنشأ يقول متمثلا:
ذل الحياة وهول الممات * وكلا أراه وخيما وبيلا فإن كان لا بد من ميتة * فسيرى إلى الموت سيرا جميلا فوثب رجل إلى فرسه فأخذه. فقال له مروان: أكرمه فإنه أشقر مروان. ثم كسر غمد سيفه، وقاتل قتالا شديدا، ثم أصيب، فنزل أبو عون، فأمر بضرب قبابه، وأمر سليمان ابن هشام بطلب المنهزمين، حتى أصيب عامتهم واستأسر منهم من استأسر، وكان فيمن أسر منهم عبد الحميد كاتبه، وحكم المكي مؤذنه، فاستبقاهما أبو عون، وبعث بهما إلى صالح بن علي، ثم أمر أبو عون بطلب جثة مروان على شاطئ النيل. فلما كان من الغد: ركب أبو عون وسليمان ابن هشام لينظرا مروان، فنظرا إليه، ثم تحول أبو عون إلى سليمان. فقال: الحمد لله الذي شفى صدرك قبل الموت من مروان، فهل لك يا أبا أيوب أن تذهب إلى أمير المؤمنين بكتابي وبما هيأ الله على يديك وشفا به صدرك، فيفعل بك خيرا، ويعرف من قرابتك ونصحك ما أنت أهله؟ فرضي بذلك سليمان، فكتب وسار. فلما قدم سليمان بن هشام على أبي العباس أمير المؤمنين، رحب به وقربه واستلطفه، وأنزله بعض دور الكوفة، وفعل به ما لم يفعل بأحد سواه، من البر والاكرام، وكان سليمان يختلف إلى مائدة أبى العباس في كل يوم، فيتغدى معه، ويتعشى، وكان كأحد وزرائه وفوقهم، وكان يجلس أبا جعفر عن يمينه، وسليمان عن يساره.
قتل أبي سلمة الخلال قال: وذكروا أن أبا العباس لما تمت له الأمور واستوثقت، استشار وزراءه في قتل أبي سلمة، فأدار القوم الرأي فيه، وكان أبو سلمة يظهر الإدلال والقدرة على أمير المؤمنين، وكان يقيم عنده في كل ليلة إلى حين من الليل، فإذا أراد الخروج والرجوع إلى منزله، قربت إليه دابته إلى المجلس، فيركب منه دون غيره، ثم يخرج إلى داره. فقالوا له: إنك إن قتلته ارتاب أبو مسلم، ولم تأمن أن يحدث لذلك حدثا، ولكن الرأي أن تكتب إليه بالذي رابك

(1) أكردهم: طردهم وجعلهم يجرون أمامه
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175