الماء، شمت عمرو بن العاص بمعاوية، وقال: يا معاوية، ما ظنك إن منعك على الماء اليوم كما منعته أمس؟ أتراك ضاربهم كما ضربوك؟ فقال: دع ما مضى عنك فإن عليا لا يستحل منك ما استحللت منه، وإن الذي جاء له غير الماء.
دعاء علي معاوية إلى البراز قال: وذكروا أن الناس مكثوا بصفين أربعين ليلة: يغدون إلى القتال ويروحون، فأما القتال الذي كان فيه الفناء فثلاثة أيام. فلما رأى علي كثرة القتال والقتل في الناس، برز يوما من الأيام ومعاوية فوق التل، فنادى بأعلى صوته: يا معاوية فأجابه فقال:
ما تشاء يا أبا الحسن؟ قال علي، علام يقتتل الناس ويذهبون؟ على ملك إن نلته كان لك دونهم؟ وإن نلته أنا كان لي دونهم؟ ابرز إلي ودع الناس، فيكون الأمر لمن غلب. قال عمرو بن العاص أنصفك الرجل يا معاوية. فضحك معاوية وقال، طمعت فيها يا عمرو، فقال عمرو، والله ما أراه يجمل بك إلا أن تبارزه. فقال معاوية، ما أراك إلا مازحا، نلقاه بجمعنا.
براز عمرو بن العاص لعلي قال: وذكروا أن عمرا قال لمعاوية: أتجبن عن علي، وتتهمني في نصيحتي إليك؟ والله لأبارزن عليا ولو مت ألف موتة في أول لقائه. فبارزه عمرو، فطعنه علي فصرعه، فاتقاه بعورته فانصرف عنه علي، وولى بوجهه دونه. وكان علي رضي الله عنه لم ينظر قط إلى عورة أحد، حياء وتكرما، وتنزها عما لا يحل ولا يجمل بمثله، كرم الله وجهه.
قطع الميرة عن أهل الشام قال: وذكروا أن عليا دعا زحر بن قيس، فقال له: سر في بعض هذه الخيل إلى القطقطانة (1)، فاقطع الميرة عن معاوية، ولا تقتل إلا من يحل لك قتله، وضع السيف موضعه، فبلغ ذلك معاوية، فدعا الضحاك بن قيس، فأمره أن يلقي زحر بن قيس فيقاتله، فسار الضحاك فلقيه زحر فهزمه، وقتل من أصحابه، وقطع الميرة عن أهل الشام، ورجع الضحاك إلى معاوية منهزما، فجمع معاوية الناس، فقال: أتاني خبر من ناحية من نواحي،