حايرا وجمع له فيه الحطب وألهب فيه النار، ثم قذف إبراهيم (عليه السلام) في النار لتحرقه، ثم اعتزلوها حتى خمدت النار. ثم أشرفوا على الحاير فإذا إبراهيم (عليه السلام) سليما مطلقا من وثاقه. فأخبر نمرود خبره، فأمرهم أن ينفوا إبراهيم (عليه السلام) من بلاده، وأن يمنعوه من الخروج بماشيته وماله فحاجهم إبراهيم (عليه السلام) عند ذلك فقال: إن أخذتم ماشيتي ومالي فإن حقي عليكم أن تردوا علي ما ذهب من عمري في بلادكم! واختصموا إلى قاضي نمرود فقضى على أصحاب نمرود أن يردوا على إبراهيم (عليه السلام) ماله! وأخبر بذلك نمرود، فأمرهم أن يخلوا سبيله وسبيل ماشيته وماله ويخرجوه وقال: إنه إن بقي في بلادكم أفسد دينكم (!) وأضر بآلهتكم. فأخرجوا إبراهيم ولوطا (عليهما السلام) معه من بلادهم إلى الشام.
فخرج إبراهيم - ومعه لوط لا يفارقه - وسارة، وقال لهم " إني ذاهب إلى ربي سيهدين " يعني إلى بيت المقدس. فتحمل إبراهيم بماشيته وماله، وعمل تابوتا وجعل فيه سارة وشد عليها الاغلاق غيرة منه عليها. ومضى حتى خرج من سلطان نمرود، وصار إلى سلطان رجل من القبط يقال له:
عزارة، فمر بعاشر له فاعترضه العاشر ليعشر ما معه، فلما انتهى إلى العاشر ومعه التابوت قال العاشر لإبراهيم (عليه السلام): إفتح هذا التابوت لنعشر ما فيه، فقال له إبراهيم (عليه السلام): قل ما شئت فيه من ذهب أو فضة حتى نعطي عشره ولا نفتحه. فأبى العاشر إلا فتحه، وغضب إبراهيم (عليه السلام) على فتحه. فلما بدت له سارة - وكانت موصوفة بالحسن والجمال - قال له العاشر: ما هذه المرأة منك؟ قال إبراهيم (عليه السلام): هي حرمتي وابنة خالتي. فقال له العاشر:
فما دعاك إلى أن خبيتها في هذا التابوت؟ فقال إبراهيم (عليه السلام): الغيرة عليها أن يراها أحد! فقال له العاشر: لست أدعك تبرح حتى اعلم الملك حالها