فقال إبراهيم (عليه السلام): اللهم إن كان صادقا فرد يده عليه. فرجعت إليه يده. فلما رأى ذلك الملك من الغيرة ما رأى، ورأى الآية في يده، عظم إبراهيم (عليه السلام) وهابه وأكرمه واتقاه، وقال له: قد أمنت من أن أعرض لها أو لشئ مما معك فانطلق حيث شئت، ولكن لي إليك حاجة! فقال إبراهيم (عليه السلام): ما هي؟ فقال له: أحب أن تأذن لي أن أخدمها قبطية عندي جميلة عاقلة تكون لها خادما، فأذن إبراهيم (عليه السلام) فدعا بها فوهبها لسارة، وهي هاجر أم إسماعيل (عليه السلام).
فسار إبراهيم (عليه السلام) بجميع ما معه، وخرج الملك معه يمشي خلف إبراهيم (عليه السلام) إعظاما لإبراهيم وهيبة له، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى إبراهيم (عليه السلام): أن قف ولا تمش قدام الجبار المتسلط وهو يمشي خلفك، ولكن اجعله أمامك وامش خلفه وعظمه وهبه فإنه مسلط، ولا بد من إمرة في الأرض برة أو فاجرة! فوقف إبراهيم (عليه السلام) وقال للملك: امض، فإن إلهي أوحى إلي الساعة: أن أعظمك وأهابك، وأن أقدمك أمامي وأمشي خلفك إجلالا لك! فقال له الملك: أوحى إليك بهذا؟ فقال إبراهيم (عليه السلام): نعم. فقال له الملك: أشهد أن إلهك لرفيق حليم كريم، وانك ترغبني في دينك! وودعه الملك.
فسار إبراهيم (عليه السلام) حتى نزل بأعلى الشامات وقد خلف لوطا (عليه السلام) في أدنى الشامات.
ثم إن إبراهيم (عليه السلام) لما أبطأ عليه الولد قال لسارة: لو شئت لبعتني هاجر لعل الله أن يرزقنا منها ولدا فيكون لنا خلفا؟! فابتاع إبراهيم (عليه السلام)