وقطعهم لأرحامهم معكم بحصاركم في شعب أبي طالب، فعاقبوهم بمثل ما عاملوكم به من القطيعة والهجران. ثم يقول في الآية التالية: * (واصبر...) * عن المقابلة بالمثل * (ولا تحزن عليهم) * لعدم هدايتهم واصرارهم على ضلالهم * (ولاتك في ضيق مما يمكرون) * من مكرهم السابق بحصركم في الشعب، ومكرهم اللاحق * (ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك) * وفي الآية التالية خاتمة السورة: * (ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) * ولذلك فإنهم * (يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) *.
وعليه فالآية تشير إلى آخر أمر حصر الرسول وبني هاشم في شعب أبي طالب، وتكون سورة النحل آخر سورة نزلت قبل نهايته.
وإذا قربنا أن حصار الشعب بدأ قريبا من بداية هجرة الحبشة بعد الاذن فيها في الآية العاشرة من سورة الزمر، وهي الستون في ترتيب النزول، وها نحن هنا قربنا أن تكون سورة النحل السبعون في النزول آخر ما نزل في آخر أيام حصار الشعب، وقد مر أن مختار مؤرخينا الطبرسي والراوندي وابن شهرآشوب أن مدة الحصار كانت أربع سنين (1) فمن الطريف أن لازم ذلك أن ستين سورة إلى سورة الزمر نزلت في مدة خمس سنين، ولكن في مدة أربع سنين أخرى كان فيها الرسول في حصار الشعب معه بعض المسلمين من بني هاشم وبني عبد المطلب. والمستضعفون من المسلمين الثمانين في هجرة الحبشة، وآخرون منهم في مكة في جوار أو حلف أو استضعاف معزولون عن الرسول الا في أيام المواسم، لم ينزل من القرآن سوى عشر سور تقريبا. وتبقى من السور المكية ست عشرة سورة تتناسب