للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير) * (1).
وخبر السدي هذا لا يبعد أن يعد تفصيلا لمختصر خبر الكلبي السابق قبله، ولكن الكلبي قال " في عقاب مكة أيام الحج " والسدي: " في كل طريق من طرق مكة على رأس كل ليلة أو ليلتين فإذا اقبل الرجل وافدا لقومه " ثم لا يذكر الحج والاعتبار يساعد على الأول لا الثاني. والثاني لا ينص على عنوان " المقتسمين " ولا على عددهم " الستة عشر رجلا " كما هو في الكلبي. هذا وقد مر خبر المقتسمين مع المستهزئين الستة الذين كفى الله رسوله شرهم بهلاكهم في يوم واحد بإشارة جبرئيل إليهم ودعاء الرسول عليهم، فهل يعني الكلبي أن المقتسمين كانوا مستمرين على عملهم ذلك بعد هلاك المستهزئين، من لدن نزول سورة الحجر الرابعة والخمسين حتى بعد نزول سورة النحل وهي السبعون؟ أم يعني أن الآية نزلت تحكي شأنهم القديم غير المستمر؟ أو أنه أمر حاضر متكرر؟ والظاهر الأخير.
وقد يبدو للنظر: أن تكون هذه الفترة بين نزولي سورتي الحجر الرابعة والخمسين والنحل السبعين، هي فترة حصار الرسول وبني هاشم في شعب أبي طالب بالحجون، وهي الفترة الفاصلة بين المقتسمين الأوائل وبين تجديد عملهم مرة أخرى حين نزول سورة النحل.
ويدفعه: أن موسم الحج في الأشهر الحرم كان مستثنى من حكم الحصار، ولذلك كان الرسول يخرج من الحصار فيه بشيرا ونذيرا، وقد ورد الخبر بالنص على مزاولة المشركين لعملهم ذلك في الصد عنه (صلى الله عليه وآله) في أيام الموسم أيام الحصار في الشعب، فلا فترة في البين.