الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ١١٦
أفضل العبادة يا روح الله قال التواضع لله * وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت انكم لتدعون أفضل العبادة التواضع * وأخرج البيهقي عن يحيى بن أبي كثير قال أفضل العمل الورع وخير العبادة التواضع * وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عمرو انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر كبه الله على وجهه في النار * وأخرج البيهقي عن النعمان بن بشير سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن للشيطان مصالي وفخوخا وان من مصاليه وفخوخه البطر بنعم الله والفخر بعطاء الله والكبر على عباد الله واتباع الهوى في غير ذات الله تعالى * وأخرج البيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا أنبئكم باهل النار كل فظ غليظ مستكبر ألا أنبئكم باهل الجنة كل ضعيف متضعف ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره * وأخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه والبيهقي عن جبير بن مطعم قال يقولون في التيه وقد ركبت الحمار ولبست الشملة وحلبت الشاة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل هذا فليس فيه من الكبر شئ * وأخرج أحمد في الزهد عن عبد الله بن شداد رفع الحديث قال من لبس الصوف واعتقل الشاة وركب الحمار وأجاب دعوة الرجل الدون أو العبد لم يكتب عليه من الكبر شئ * وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد أبو يعلى والحاكم وصححه والبيهقي عن عبد الله بن سلام انه رؤى في السوق على رأسه حزمة حطب فقيل له أليس قد أوسع الله عليك قال بلى ولكني أردت أن أدفع الكبر وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر * وأخرج البيهقي عن جابر قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فاقبل رجل فلما رآه القوم أثنوا عليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم انى لأرى على وجهه سفعة من النار فلما جاء وجلس قال أنشدك بالله أجئت وأنت ترى انك أفضل القوم قال نعم * وأخرج البيهقي عن ابن المبارك انه سئل عن التواضع فقال التكبر على الأغنياء * وأخرج البيهقي عن ابن المبارك قال من التواضع ان تضع نفسك عند من هو دونك في نعمة الدنيا حتى تعلمه انه ليس لك فضل عليه لدنياك وان ترفع نفسك عند من هو فوقك في دنياه حتى تعلمه انه ليس لدنياه فضل عليك * وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال من خضع لغنى ووضع له نفسه اعظاما له وطمعا فيما قبله ذهب ثلثا مرؤته وشطر دينه * وأخرج أحمد في الزهد عن عون بن عبد الله قال قال عبد الله ابن مسعود لا يبلغ عبد حقيقة الايمان حتى يحل بذروته ولا يحل بذروته حتى يكون الفقر أحب إليه من الغنى والتواضع أحب إليه من الشرف وحتى يكون حامده وذامه سواء قال ففسرها أصحاب عبد الله قالوا حتى يكون الفقر في الحلال أحب إليه من الغنى في الحرام وحتى يكون التواضع في طاعة الله أحب إليه من الشرف في معصية الله وحتى يكون حامده وذامه في الحق سواء * قوله تعالى (وإذا قيل لهم) الآية * أخرج ابن أبي حاتم عن السدى قال اجتمعت قريش فقالوا ان محمدا رجل حلو اللسان إذا كلمه الرجل ذهب بعقله فانظروا أناسا من أشرافكم المعدودين المعروفة أنسابهم فابعثوهم في كل طريق من طرق مكة على رأس كل ليلة أو ليلتين فمن جاء يريده فردوه عنه فخرج ناس منهم في كل طريق فكان إذا أقبل الرجل وافدا لقومه ينظر ما يقول محمد فينزل بهم قالوا له أنا فلان ابن فلان فيعرفه بنسبه ويقول أنا أخبرك عن محمد فلا يريد ان يعنى إليه هو رجل كذاب لم يتبعه على أمره الا السفهاء والعبيد ومن لا خير فيه واما شيوخ قومه وخيارهم فمفارقون له فيرجع أحدهم فذلك قوله وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين فإذا كان الوافد ممن عزم الله له على الرشاد فقالوا له مثل ذلك في محمد قال بئس الوافد انا لقومي ان كنت جئت حتى إذا بلغت الا مسيرة يوم رجعت قبل ان ألقى هذا الرجل وانظر ما يقول وآتى قومي ببيان أمره فيدخل مكة فيلقى المؤمنين فيسألهم ماذا يقول محمد فيقولون خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة يقول مال ولدار الآخرة خير وهي الجنة * وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال إن ناسا من مشركي العرب كانوا يقعدون بطريق من أتى نبي الله صلى الله عليه وسلم فإذا مروا سألوهم فاخبروهم بما سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا انما هو أساطير الأولين * قوله تعالى (ليحملوا أوزارهم) الآية * أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم يقول يحملون مع ذنوبهم ذنوب الذين يضلونهم بغير علم وذلك مثل قوله وأثقالا مع أثقالهم * وأخرج ابن أبي شيبة
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست