المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال أما بعد فإن أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير بعثني على مصركم وثغوركم وأمرني بجباية فيئكم وأن لا أحمل فضل فيئكم عنكم إلا برضى منكم ووصية عمر بن الخطاب التي أوصى بها عند وفاته وبسيرة عثمان ابن عفان التي سار بها في المسلمين فاتقوا الله واستقيموا ولا تختلفوا وخذوا على أيدي سفهائكم وإلا تفعلوا فلوموا أنفسكم ولا تلوموني فوالله لأوقعن بالسقيم العاصي ولأقيمن درأ إلا صعر المرتاب فقام إليه السائب بن مالك الأشعري فقال أما أمر ابن الزبير إياك أن لا تحمل فضل فيئنا عنا إلا برضانا فإنا نشهدك أنا لا نرضى أن تحمل فضل فيئنا عنا وأن لا يقسم إلا فينا وأن لا يسار فينا إلا بسيرة علي بن أبي طالب التي سار بها في بلادنا هذه حتى هلك رحمة الله عليه ولا حاجة لنا في سيرة عثمان في فيئنا ولا في أنفسنا فإنها إنما كانت أثرة وهوى ولا في سيرة عمر بن الخطاب في فيئنا وإن كانت أهون السيرتين علينا ضرا وقد كان لا يألو الناس خيرا فقال يزيد بن أنس صدق السائب بن مالك وبر رأينا مثل رأيه وقولنا مثل قوله فقال ابن مطيع نسير فيكم بكل سيرة أحببتموها وهويتموها ثم نزل فقال يزيد بن أنس الأسدي ذهبت بفضلها يا سائب لا يعدمك المسلمون أما والله لقد قمت وإني لأريد أن أقوم فأقول له نحوا من مقالتك وما أحب أن الله ولى الرد عليه رجلا من أهل المصر ليس من شيعتنا وجاء إياس بن مضارب إلى ابن مطيع فقال له ان السائب بن مالك من رؤوس أصحاب المختار ولست آمن المختار فابعث إليه فليأتك فإذا جاءك فاحبسه في سجنك حتى يستقيم أمر الناس فإن عيوني قد أتتني فخبرتني أن أمره قد استجمع له وكأنه قد وثب بالمصر قال فبعث إليه ابن مطيع زائدة بن قدامة وحسين بن عبد الله البرسمي من همدان فدخل عليه فقالا أجب الأمير فدعا بثيابه وأمر بإسراج دابته وتخشخش للذهاب معهما فلما رأى زائدة؟ بن قدامة ذلك قرأ قول الله تبارك وتعالى (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) ففهمها المختار فجلس ثم ألقى ثيابه عنه ثم
(٤٩٠)