لقد غادر الأقوام ليلة أدلجوا * بقصر العبادي ذا الفعال مجدلا دلفت له تحت العجاج بطعنة * فأصبح منها في النجيع مرملا أقول له والرمح في نغض كتفه * أبا عامر عنك اليمين تحللا سقيت بها النعمان كأسا روية * وعاطيته بالرمح سما مثملا تركت سباع الجو يعرفن حوله * وقد كان عنها لابن حية معزلا كفيت قريشا إذ تغيب جمعها * وهدمت للنعمان عزا مؤثلا ولما لحق سعد بن أبي وقاص المغيرة بن شعبة وقيس بن مكشوح فيمن معهما سار إلى رستم حين سمع به حتى نزل قادس قرية إلى جانب العذيب فنزل الناس بها ونزل سعد في قصر العذيب وأقبل رستم في جموع فارس ستين ألفا مما أحصى لنا في ديوانه سوى التباع والرقيق حتى نزل القادسية وبينه وبين الناس العتيق جسر القادسية وسعد في منزله وجع قد خرج به قرح شديد ومعه أبو محجن بن حبيب الثقفي محبوس في القصر حبسه في شرب الخمر فلما أن نزل بهم رستم إليهم أن ابعثوا إلي رجلا منكم جليدا أكلمه فبعثوا إليه المغيرة بن شعبة فجاءه وقد فرق رأسه أربع فرق فرقة بين يديه إلى قفاه وفرقة إلى أذنيه ثم عقص شعره ولبس بردا له ثم أقبل حتى انتهى إلى رستم ورستم من وراء الجسر العتيق مما يلي العراق والمسلمون من ناحيته الأخرى مما يلي الحجاز فيما بين القادسية والعذيب فكلمه رستم فقال إنكم معشر العرب كنتم أهل شقاء وجهد وكنتم تأتوننا من بين تاجر وأجير ووافد فأكلتم من طعامنا وشربتم من شرابنا واستظللتم من ظلالنا فذهبتم فدعوتم أصحابكم ثم أتيتمونا بهم وإنما مثلكم مثل رجل كان له حائط من عنب فرأى فيه ثعلبا واحدا فقال ما ثعلب واحد فانطلق الثعلب فدعا الثعالب إلى الحائط فلما اجتمعن فيه جاء الرجل فسد الجحر الذي دخلن منه ثم قتلهن جميعا وقد أعلم أن الذي حملكم على هذا معشر العرب الجهد الذي قد أصابكم فارجعوا عنا عامكم هذا فإنكم قد شغلتمونا عن عمارة بلادنا وعن عدونا ونحن نوقر لكم ركائبكم قمحا وتمرا ونأمر لكم بكسوة فارجعوا عنا عافاكم الله فقال المغيرة
(٧٦)