حتى دخل على كسرى وكان لهوذة جمال وبيان فاعجب به كسرى وحفظ له ما كان منه ودعا بعقد من در فعقد على رأسه وكساه قباء ديباج مع كسوة كثيرة فمن ثم سمى هوذة ذا التاج وقال كسرى لهوذة أرأيت هؤلاء القوم الذين صنعوا ما صنعوا من قومك هم قال لا قال أصلح هم لك قال بيننا الموت قال قد أدركت بعص حاجتك وعزم على توجيه الخيل إلى بنى تميم فقيل له إن بلادهم بلاد سوء إنما هي مفاوز وصحارى لا يهتدى لمسالكها وماؤهم من الآبار ولا يؤمن أن يعوروها فلك جندك وأشير إليه أن يكتب إلى عامله بالحرين وهو آزاذ فروز بن جشنس الذي سمته العرب المكعبر وإنما سمى المكعبر لأنه كان يقطع الأيدي والأرجل وآلى أن لا يدع من بنى تميم عينا تطرف ففعل ووجه له رسولا ودعا بهوذة فجدد له كرامة وصلة وقال سر مع رسولي هذا فاشفني واشتف فأقبل هوذة والرسول معه حتى صار إلى المكعبر وذلك قريب من أيام اللقاط وكان بنو تميم يصيرون في ذلك الوقت إلى هجر للميرة واللقاط فنادى منادى المكعبرة من كان ههنا من بنى تميم فليحضر فإن الملك قد أمر لهم بميرة وطعام يقسم فيهم فحضروا فأدخلهم المشقر وهو حصن حيا له حصن يقال له الصفا وبينهما نهر يقال له محلم وكان الذي بنى المشقر رجلا من أساورة كسرى يقال له بسك بن ماهبوذ كان كسرى وجهه لنائه فلما ابتدأه قيل له إن هؤلاء الفعلة لا يقيمون بهذا الموضع إلا أن تكون معهم نساء فإن فعلت ذلك بهم تم بناؤك وأقاموا عليه حتى يفرغوا منه فنقل إليهم الفواجر من ناحية السواد والأهواز وحملت إليهم روايا الخمر من أرض فارس في البحر فتناكحوا وتوالدوا فكانوا جل أهل مدينة هجر وتكلم القوم بالعربية وكانت دعوتهم إلى عبد القيس فلما جاء الاسلام قالوا لعبد القيس قد علمتم عددنا وعدتنا وعظيم غنائنا فأدخلونا فيكم وزوجونا قالوا لا ولكن أقيموا على حالكم فأنتم إخواننا وموالينا فقال رجل من عبد القيس يا معاشر عبد القيس أطيعوني وألحقوهم فإنه ليس عن مثل هؤلاء مرغب فقال رجل من القوم أما تستحى أتأمرنا أن ندخل فينا من قد عرفت أوله وأصله قال إنكم إن لم تفعلوا ألحقهم
(٥٨٢)