رجل منهم ما في يده من العصى والحبال فإذا هي حياة كأمثال الجبال قد ملأت الوادي يركب بعضها بعضا (فأوجس في نفسه خيفة موسى) وقال والله إن كانت لعصيا في أيديهم ولقد عادت حياة وما تعدو عصاي هذه أو كما حدث نفسه فأوحى الله إليه (أن ألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى) وفرج عن موسى فألقى عصاه من يده فاستعرضت ما ألقوا من حبالهم وعصيهم وهى حياة في عين فرعون وأعين الناس تسعى فجعلت تتلقفها تبتلعها حية حية حتى ما يرى في الوادي قليل ولا كثير مما ألقوا ثم أخذها موسى فإذا هي عصاه في يده كما كانت ووقع السحرة سجدا قالوا آمنا برب هارون وموسى لو كان هذا سحرا ما غلبنا قال لهم فرعون وأسف ورأى الغلبة البينة آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلا قطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف - إلى قوله - فاقض ما أنت قاض أي فاصنع ما بدا لك إنما تقضى هذه الحياة الدنيا التي ليس لك سلطان إلا فيها ثم لا سلطان لك بعدها (إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى) أي خير منك ثوابا وأبقى عقابا فرجع عدو الله مغلوبا ملعونا ثم أبى إلا الإقامة على الكفر والتمادي في الشر فتابع الله عليه بالآيات وأخذه بالسنين فأرسل عليه الطوفان * رجع الحديث إلى حديث السدى وأما السدى فإنه قال في خبره ذكر أن الآيات التي ابتلى الله بها قوم فرعون كانت قبل اجتماع موسى والسحرة وقال لما رجع إليه السهم ملطخا بالدم قال لقد قتلنا إله موسى ثم إن الله أرسل عليهم الطوفان وهو المطر فغرق كل شئ لهم فقالوا يا موسى ادع لنا ربك يكشف عنا ونحن نؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل فكشفه الله عنهم ونبتت زروعهم فقالوا ما يسرنا أنا لم نمطر فبعث الله عليهم الجراد فأكل حروثهم فسألوا موسى أن يدعو ربه فيكشفه ويؤمنوا به فدعا فكشفه وقد بقى من زروعهم بقية فقالوا لن نؤمن وقد بقى لنا من زروعنا بقية فبعث الله عليهم الدبا وهو القمل فلحس الأرض كلها وكان يدخل بين ثوب أحدهم وبين جلده فيعضه وكان أحدهم يأكل الطعام فيمتلئ
(٢٨٨)