سلمة عن ابن إسحاق عمن لا يتهم من أصحابه أن كعب الأحبار قدم مكة وبها عبد الله بن عمرو بن العاص فقال كعب سلوه عن ثلاث فإن أخبركم فإنه عالم سلوه عن شئ من الجنة وضعه الله للناس في الأرض وسلوه ما أول ما وضع في الأرض وما أول شجرة غرست في الأرض فسئل عبد الله عنها فقال أما الشئ الذي وضعه الله للناس في الأرض من الجنة فهو هذا الركن الأسود وأما أول ما وضع في الأرض فبرهوت باليمن يرده هام الكفار وأما أول شجرة غرسها الله في الأرض فالعوسجة التي اقتطع منها موسى عصاه فلما بلغ ذلك كعبا قال صدق الرجل عالم والله * قال فلما كانت الليلة التي أراد الله بموسى كرامته وابتدأه فيها بنبوته وكلامه أخطأ فيها الطريق حتى لا يدرى أين يتوجه فاخرج زنده ليقدح نارا لأهله ليبيتوا عليها حتى يصبح ويعلم وجه سبيله فأصلد عليه زنده فلا يورى له نارا فقدح حتى أعياه لاحت النار فرآها فقال لأهله (امكثوا إني آنست نارا لعلى آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى) بقبس تصطلون وهدى عن علم الطريق الذي أضللنا بنعت من خبير فخرج نحوها فإذا هي في شجرة من العليق وبعض أهل الكتاب يقول في عوسجة فلما دنا استأخرت عنه فلما رأى استئخارها رجع عنها وأوجس في نفسه منها خيفة فلما أراد الرجعة دنت منه ثم كلم من الشجرة فلما سمع الصوت استأنس وقال الله يا موسى (اخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى) فألقاهما ثم قال ما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولى فيها مآرب أخرى أي منافع أخرى قال ألقها يا موسى فألقاها فإذا هي حية تسعى قد صار شعبتاها فمها وصار محجنها عرفا لها في ظهر تهتز لها أنياب فهي كما شاء الله أن تكون فرأى أمرا فظيعا فولى مدبرا ولم يعقب فناداه ربه أن يا موسى أقبل ولا تخف (سنعيدها سيرتها الأولى) أي سيرتها عصا كما كانت قال فلما أقبل قال (خذها ولا تخف) أدخل بدك في فمها وعلى موسى جبة من صوف فلف يده بكمه وهم لها هائب فنودي أن ألق كمك عن يدك فألقاه عنها ثم أدخل يده بين لحييها فلما ادخلها قبض عليها فإذا هي عصاه في يده ويده
(٢٨٣)