وأقام المهلب بالجسر بعد أن هزم الخوارج أربعين يوما، ثم ارتحل سائرا في آثارهم.
فبلغ ذلك نافع بن الأزرق، فأقام بالأهواز حتى وافاه المهلب، فواقعهم بمكان يسمى (بسلى) (1)، فقاتلهم يوما إلى الليل، وأصابته ضربة في وجهه، أغمي عليه منها، فقال الناس (قتل الأمير)، فازدادوا لذلك حنقا وجدا، وقتلوا من الخوارج بشرا كثيرا، وقتل رئيسهم نافع بن الأزرق، وانهزمت الخوارج نحو فارس.
وبلغ أهل البصرة أن المهلب قتل، فرج المصر بأهله، وهم أميرهم الحارث ابن أبي ربيعة أن يهرب، فكتب إليه رجل من بني يشكر:
أيا حار، يا ابن السادة الصيد، هب لنا * مقامك، لا ترحل ولم يأتك الخبر فإن كان أودي بالمهلب يومه * فقد كسفت في أرضنا الشمس والقمر وما لك من بعد المهلب عرجه * وما لك بالمصرين سمع ولا بصر فدونك، فالحق بالحجاز، ولا تقم * ببلدتنا، إن المقام بها خطر وإن كان حيا كنت بالمصر آمنا * وكان بقاء المرء فينا هو الظفر وقال رجل من بني سعد:
ألا كل ما يأتي من الأمر هين * علينا يسير عند فقد المهلب فإن يك قد أودي فما نحن بعده * بأمنع من شاء عجاف لأذؤب (2) نعوذ بمن أرسى ثبيرا مكانه * ومرسي حراء والقديد وكبكب (3) من الخبر الملقى على الحور خدرها * ويشجي به ما بين بصرى ويثرب