الحصين المجانيق على جبل أبي قبيس (1)، وكانوا يرمون أهل المسجد.
* * * فبينا هم كذلك إذ ورد على الحصين بن نمير موت يزيد بن معاوية، فأرسل إلى عبد الله بن الزبير: (أن الذي وجهنا لمحاربتك قد هلك، فهل لك في الموادعة؟
وتفتح لنا الأبواب، فنطوف بالبيت، ويختلط الناس بعضهم ببعض).
فقبل ذلك ابن الزبير، وأمر بأبواب المسجد، ففتحت، فجعل الحصين وأصحابه يطوفون بالبيت.
فبينا الحصين يطوف بعد العشاء إذ استقبله ابن الزبير، فأخذ الحصين بيده، فقال له سرا:
- هل لك في الخروج معي إلى الشام؟ فأدعو الناس إلى بيعتك، فإن أمرهم قد مرج (2)، ولا أرى أحدا أحق بها اليوم منك، ولست أعصي هناك.
فاجتذب عبد الله بن الزبير يده من يده، وقال، وهو يجهر بقوله: (دون أن أقتل بكل رجل من أهل الحجاز عشرة من أهل الشام).
فقال الحصين: لقد كذب من زعم أنك من دهاة العرب، أكلمك سرا، وتكلمني علانية، وأدعوك إلى الخلافة وتدعوني إلى الحرب.
ثم انصرف في أصحابه إلى الشام، ومر بالمدينة، فبلغه انهم على محاربته ثانيا.
فجمع إليه أهلها، وقال: (ما هذا الذي بلغني عنكم؟) فاعتذروا إليه، وقالوا:
(ما هممنا بذلك).
وذكر أبو هارون العبدي، قال: رأيت أبا سعيد الخدري، ولحيته بيضاء، وقد خف جانباها، وبقي وسطها، فقلت: (يا أبا سعيد، ما حال لحيتك؟)