وأستعينه وأستهديه، وأومن به وأتوكل عليه، وأعوذ بالله من الضلالة والردى، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، انتخبه لرسالته، واختصه لتبليغ أمره، أكرم خلقه عليه، وأحبهم إليه، فبلغ رسالة ربه، ونصح لأمته، وأدى الذي عليه صلى الله عليه وسلم، أوصيكم عباد الله بتقوى الله، فإن تقوى الله خير ما تواصى به عباد الله، وأقربه لرضوان الله، وأفضله في عواقب الأمور عند الله، وبتقوى الله أمرتم، وللإحسان خلقتم، فاحذروا من الله ما حذركم من نفسه، فإنه حذر بأسا شديدا، واخشوا الله خشية ليست بتعذير، واعملوا من غير رياء ولا سمعة، فإنه من عمل لغير الله وكله الله إلى ما عمل، ومن عمل مخلصا له تولاه الله، وأعطاه أفضل نيته، وأشفقوا من عذاب الله، فإنه لم يخلقكم عبثا، ولم يترك شيئا من أمركم سدى، قد سمي آثاركم، وعلم أسراركم، وأحصى أعمالكم، وكتب آجالكم، فلا تغرنكم الدنيا، فإنها غرارة لأهلها، والمغرور من اغتر بها، وإلى فناء ما هي، وأن الآخرة هي دار القرار، نسأل الله منازل الشهداء، ومرافقة الأنبياء، ومعيشة السعداء، فإنما نحن به وله).
ثم وجه عماله إلى البلدان، فاستعمل على المدائن وجوخى (1) كلها يزيد بن قيس الأرحبي، وعلى الجبل وأصبهان محمد بن سليم، وعلى البهقباذات قرط بن كعب، وعلى كسكر وحيزها قدامة بن عجلان الأزدي، وعلى بهرسير وإستانها عدي ابن الحارث، وعلى إستان العالي حسان بن عبد الله البكري، وعلى إستان الزوابي سعد (2) بن مسعود الثقفي، وعلى سجستان وحيزها ربعي بن كأس، وعلى خراسان كلها خليد بن كأس.