قال عمرو: (أما ابن أبي حذيفة فما يغمك من خروجه من سجنه في أصحابه، فأرسل في طلبه الخيل، فإن قدرت عليه قدرت، وإن لم تقدر عليه لم يضرك، وأما قيصر، فاكتب إليه تعلمه، أنك ترد عليه جميع من في يديك من أسارى الروم، وتسأله الموادعة والمصالحة تجده سريعا إلى ذلك، راضيا بالعفو منك، وأما علي بن أبي طالب فإن المسلمين لا يساوون بينك وبينه).
قال معاوية: (إنه مالأ على قتل عثمان، وأظهر الفتنة، وفرق الجماعة).
قال عمرو: (إنه وإن كان كذلك، فليست لك مثل سابقته وقرابته، ولكن ما لي أن شايعتك على أمرك حتى تنال ما تريد؟).
قال: (حكمك).
قال عمرو: (اجعل لي مصر طعمة ما دامت لك ولاية).
فتلكأ معاوية، وقال: (يا عبد الله، لو شئت أن أخدعك خدعتك).
قال عمرو: (ما مثلي يخدع).
قال له معاوية: (ادن مني أسارك).
فدنا عمرو منه، فقال: (هذه خدعة، هل ترى في البيت غيري وغيرك) ثم قال: (يا عبد الله، أما تعلم أن مصر مثل العراق؟).
قال عمرو: (غير أنها إنما تكون لي إذا كانت لك الدنيا، وإنما تكون لك إذا غلبت عليا).
فتلكأ عليه، وانصرف عمرو إلى رحله، فقال عتبة لمعاوية: (أما ترضى أن تشتري عمرا بمصر إن صفت لك قليتك (1) لا تغلب على الشام).
وقال معاوية: (بت عندنا ليلتك هذه)، فبات عتبة عنده، فلما أخذ معاوية مضجعه أنشأ عتبة: