فكتب إليه عمرو بن العاص:
(من عمرو بن العاص إلى علي بن أبي طالب، أما بعد، فإن الذي فيه صلاحنا وألفة ذات بيننا أن تجيب إلى ما ندعوك إليه، من شورى تحملنا وإياك على الحق، ويعذرنا الناس لها بالصدق والسلام).
قالوا: ولما أجمع علي على المسير إلى أهل الشام، وحضرت الجمعة صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: (أيها الناس، سيروا إلى أعداء السنن والقرآن، سيروا إلى قتلة المهاجرين والأنصار، سيروا إلى الجفاة الطغام الذين كان إسلامهم خوفا وكرها، سيروا إلى المؤلفة قلوبهم ليكفوا عن المسلمين بأسهم).
فقام إليه رجل من فزارة، يسمى أربد، فقال: (أتريد أن تسير بنا إلى إخواننا من أهل الشام فنقتلهم كما سرت بنا إلى إخواننا من أهل البصرة، فقتلناهم؟
كلا، ها الله، إذا لا نفعل ذلك).
فقام الأشتر، فقال: (أيها الناس، من لهذا؟) فهرب الفزاري وسعى شؤبوب (1) من الناس في أثره، فلحقوه بالكناسة (2) فضربوه بنعالهم حتى سقط، ثم وطئوه بأرجلهم حتى مات، فأخبر بذلك علي رضي الله عنه فقال: (قتيل عمية، لا يدرى من قتله) فدفع ديته إلى أهله من بيت المال، وقال بعض شعراء بني تميم:
أعوذ بربي أن تكون منيتي * كما مات في سوق البراذين أربد تعاوره همدان خصف نعالهم * إذا رفعت عنه يد وقعت يد وقام الأشتر، فقال: (يا أمير المؤمنين، لا يؤيسنك من نصرتنا ما سمعت من هذا الخائن، إن جميع من ترى من الناس شيعتك، لا يرغبون بأنفسهم عنك،