يا أمنا يا خير أم نعلم * والأم تغذو ولدها وترحم ألا ترين كم جواد يكلم * وتختلي هامته والمعصم فخرج إليه من أهل الكوفة الحارث بن زهير الأزدي، وكان من فرسان علي، فاختلفا ضربتين، فأوهط (1) كل منهما صاحبه، فخرا جميعا صريعين، يفحصان (2) بأرجلهما حتى ماتا.
قالوا: وانكشف أهل البصرة انكشافه، وانتهى الأشتر إلى الجمل، وعبد الله بن الزبير آخذ بخطامه، فرمى الأشتر بنفسه على عبد الله بن الزبير، فصار تحته، فصاح عبد الله بن الزبير: (اقتلوني ومالكا)، فثاب إلى ابن الزبير أصحابه.
فلما خاف الأشتر على نفسه قام عن عبد الله بن الزبير، وقاتل حتى خلص إلى أصحابه، قد عار فرسه، فقال لهم: (ما أنجاني إلا قول ابن الزبير: اقتلوني ومالكا، فلم يدر القوم من مالك، ولو قال اقتلوني والأشتر لقتلوني).
وقاتل عدي بن حاتم حتى فقئت إحدى عينيه، وقاتل عمرو بن الحمق، وكان من عباد أهل الكوفة، ومعه النساك قتالا شديدا، فضرب بسيفه حتى انثنى، ثم انصرف إلى أخيه رياح، فقال له رياح: (يا أخي، ما أحسن ما نصنع اليوم، أن كانت الغلبة لنا).
قالوا: ولما رأى علي لوث أهل البصرة بالجمل، وانهم كلما كشفوا عنه عادوا، فلاثوا به، قال لعمار وسعيد بن قيس وقيس بن سعد بن عبادة والأشتر وابن بديل ومحمد بن أبي بكر وأشباههم من حماة أصحابه: (إن هؤلاء لا يزالون يقاتلون ما دام هذا الجمل نصب أعينهم، ولو قد عقر فسقط لم تثبت له ثابتة)، فقصدوا بذوي الجد من أصحابه قصد الجمل حتى كشفوا أهل البصرة عنه، وأفضى