الميسرة عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وهو الذي قالت عائشة فيه: (وددت لو قعدت في بيتي ولم أخرج في هذا الوجه لكان ذلك أحب إلي من عشرة أولاد، لو رزقتهن من رسول الله صلى الله عليه على فضل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعقله وزهده). ووليا على قيس مجاشع بن مسعود، وعلى تيم الرباب عمرو بن يثربي، وعلى قيس والأنصار وثقيف عبد الله بن عامر بن كريز، وعلى خزاعة عبد الله بن خلف الخزاعي، وعلى قضاعة عبد الرحمن بن جابر الراسبي، وعلى مذحج الربيع بن زياد الحارثي، وعلى ربيعة عبد الله بن مالك.
قالوا: وأقام علي رضي الله عنه ثلاثة أيام يبعث رسله إلى أهل البصرة، فيدعوهم إلى الرجوع إلى الطاعة والدخول في الجماعة، فلم يجد عند القوم إجابة، فزحف نحوهم يوم الخميس لعشر مضين من جمادى الآخرة، وعلى ميمنته الأشتر، وعلى ميسرته عمار بن ياسر، والراية العظمى في يد ابنه محمد بن الحنفية، ثم سار نحو القوم حتى دنا بصفوفه من صفوفهم، فواقفهم من صلاة الغداة إلى صلاة الظهر، يدعوهم ويناشدهم، وأهل البصرة وقوف تحت رايتهم، وعائشة في هودجها أمام القوم.
قالوا: وإن الزبير لما علم أن عمارا مع علي رضي الله عنه ارتاب بما كان فيه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحق مع عمار، وتقتلك الفئة الباغية).
قالوا: ثم إن عليا دنا من صفوف أهل البصرة، وأرسل إلى الزبير يسأله، ليدنو، فيكلمه بما يريد، وأقبل الزبير حتى دنا من علي رضي الله عنه، فوقفا جميعا بين الصفين حتى اختلفت أعناق فرسيهما، فقال له علي: (ناشدتك الله يا أبا عبد الله، هل تذكر يوما مررنا أنا وأنت برسول الله صلى الله عليه وسلم ويدي في يدك، فقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتحبه؟، قلت: نعم، يا رسول الله، فقال لك: أما إنك تقاتله، وأنت له ظالم...؟)، فقال الزبير:
(نعم، أنا ذاكر له).