فقال لهم: (قد بلغني عنكم هناة كرهتها لكم)، فقال سعد: (قد كان ما بلغك، فأعطني سيفا يعرف المسلم من الكافر حتى أقاتل به معك).
وقال عبد الله بن عمر: (أنشدك الله أن تحملني على ما لا أعرف).
وقال محمد بن مسلمة: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أقاتل بسيفي ما قوتل به المشركون، فإذا قوتل أهل الصلاة ضربت به صخر أحد حتى ينكسر، وقد كسرته بالأمس). ثم خرجوا من عنده.
ثم إن أسامة بن زيد دخل، فقال: (أعفني من الخروج معك في هذا الوجه، فإني عاهدت الله ألا أقاتل من يشهد أن لا إله إلا الله) . وبلغ ذلك الأشتر، فدخل على علي، فقال: (يا أمير المؤمنين، إنا وإن لم نكن من المهاجرين والأنصار، فإنا من التابعين بإحسان، وإن القوم وإن كانوا أولى بما سبقونا إليه فليسوا بأولى مما شركناهم فيه، وهذه بيعة عامة، الخارج منها طاعن مستعتب، فحض هؤلاء الذين يريدون التخلف عنك باللسان، فإن أبوا فأدبهم بالحبس) فقال علي: (بل أدعهم ورأيهم الذي هم عليه).
ولما هم علي رضي الله عنه بالمسير إلى العراق، اجتمع أشراف الأنصار، فأقبلوا حتى دخلوا على علي، فتكلم عقبة بن عامر، وكان بدريا (1) فقال: (يا أمير المؤمنين إن الذي يفوتك من الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسعي بين قبره ومنبره أعظم مما ترجو من العراق، فإن كنت إنما تسير لحرب الشام، فقد أقام عمر فينا، وكفاه سعد زحف القادسية، وأبو موسى زحف الأهواز، وليس من هؤلاء رجل إلا ومثله معك، والرجال أشباه، والأيام دول)، فقال علي (إن الأموال والرجال بالعراق، ولأهل الشام وثبة أحب أن أكون قريبا منها). ونادى في الناس بالمسير، فخرج وخرج معه الناس.