ومنطقته، وقال: (هذا لك،) ففرش له الطحان كساءه، فنام يزدجرد لما ناله من شدة التعب، فلما استثقل نوما قام إليه الطحان بمنقار الرحا، فقتله، وأخذ سلبه (1)، وألقاه في النهر.
ولما أصبح الناس تداعوا، فأجلبوا على الأتراك من كل وجه، فخرج خاقان منهزما حتى أوغل في المفازة، فطلبوا الملك فلم يجدوه، فخرجوا يقفون أثره حتى انتهوا إليه، فوجدوه قتيلا مطروحا في الماء، وأصابوا بزته عند الطحان.
وذلك في السنة السادسة من خلافة عثمان، وهي سنة ثلاثين من التاريخ (2)، فعند ذلك انقضى ملك فارس، وأرخوا عليه تاريخهم الذي يكتبون به اليوم.
وهرب ماهويه حتى نزل أبرشهر مخافة أن يقتله أهل مرو، فمات بها.
وسار عبد الله بن خازم السلمي إلى سرخس (3)، فافتتحها أيضا، وسار عبد الله ابن عامر إلى كرمان وسجستان، فافتتحهما.
(بيعة علي بن أبي طالب) ثم قتل (4) عثمان رضي الله عنه، فلما قتل بقي الناس ثلاثة أيام بلا إمام، وكان الذي يصلي بالناس الغافقي، ثم بايع الناس عليا رضي الله عنه، فقال: (أيها الناس، بايعتموني على ما بويع عليه من كان قبلي، وإنما الخيار قبل أن تقع البيعة، فإذا وقعت فلا خيار، وإنما على الإمام الاستقامة، وعلى الرعية التسليم، وإن هذه بيعة عامة، من ردها رغب عن دين الإسلام، وإنها لم تكن فلتة).
ثم إن عليا رضي الله عنه أظهر أنه يريد السير إلى العراق، وكان على الشام يومئذ معاوية بن أبي سفيان، وليها لعمر بن الخطاب سبعا، ووليها جميع ولاية عثمان