رضي الله عنه اثنتي عشرة سنة، فواتاه الناس على السير إلا ثلاثة نفر: سعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، ومحمد بن مسلمة الأنصاري.
وبعث علي رضي الله عنه عماله إلى الأمصار، فاستعمل عثمان بن حنيف على البصرة، وعمارة بن حسان على الكوفة، وكانت له هجرة، واستعمل عبد الله ابن عباس على جميع أرض اليمن، واستعمل قيس بن سعد بن عبادة على مصر، واستعمل سهل بن حنيف على الشام.
فأما سهل فإنه لما انتهى إلى تبوك، وهي تخوم أرض الشام استقبله خيل لمعاوية، فردوه، فانصرف إلى علي، فعلم علي رضي الله عنه عند ذلك أن معاوية قد خالف، وأن أهل الشام بايعوه.
وحضر الموسم، فاستأذن الزبير وطلحة عليا في الحج، فأذن لهما، وقد كانت عائشة أم المؤمنين خرجت قبل ذلك معتمرة، وعثمان محصور، وذلك قبل مقتله بعشرين يوما، فلما قضت عمرتها أقامت، فوافاها الزبير وطلحة.
وكتب علي بن أبي طالب إلى معاوية (أما بعد، فقد بلغك الذي كان من مصاب عثمان رضي الله عنه، واجتماع الناس علي ومبايعتهم لي، فأدخل في السلم أو ائذن بحرب). وبعث الكتاب مع الحجاج بن غزية الأنصاري، فلما قدم على معاوية، وأوصل كتاب علي إليه، فقرأه، فقال: (انصرف إلى صاحبك، فإن كتابي مع رسولي على أثرك)، فانصرف الحجاج، وأمر معاوية بطومارين (1)، فوصل أحدهما بالآخر، ولفا، ولم يكتب فيهما شيئا إلا بسم الله الرحمن الرحيم، وكتب على العنوان (من معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب).
ثم بعث به مع رجل من عبس، له لسان وجسارة، فقدم العبسي على علي، فناوله الكتاب، ففتحه، فلم ير فلم فيه شيئا، إلا بسم الله الرحمن الرحيم، وعند علي وجوه الناس.