وأصاب المسلمون يوم جلولاء غنيمة لم يغنموا مثلها قط، وسبوا سبيا كثيرا من بنات أحرار فارس، فذكروا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من أولاد سبايا الجلوليات. فأدرك أبناؤهن قتال صفين، فخلف عمرو بن مالك بجلولاء جرير بن عبد الله البجلي في أربعة آلاف فارس مسلحة بها، ليردوا العجم عن نفوذها إلى ما يلي العراق، وسار ببقية المسلمين حتى وافى سعد بن أبي وقاص، وهو مقيم بالمدائن، فارتحل سعد بالناس حتى ورد الكوفة، وكتب إلى عمر رضي الله عنه بالفتح، وأقام سعدا أميرا على الكوفة وجميع السواد ثلاث سنين ونصفا، ثم عزله عمر، وولى مكانه عمار بن ياسر على الحرب، وعبد الله بن مسعود على القضاء، وعمرو بن حنيف على الخراج.
قالوا: ولما انتهت هزيمة العجم إلى حلوان، وخرج يزدجرد هاربا حتى نزل (قم) و (قاشان) ومعه عظماء أهل بيته وأشرافهم، قال له رجل من خاصته وأهل بيته، يسمى هرمزان، وكان خال شيرويه بن كسرى أبرويز: أيها الملك إن العرب قد اقتحمت عليك من هذه الناحية، يعني حلوان، ولهم جمع بناحية الأهواز، ليس في وجوههم أحد يردهم، ولا يمنعهم من العيث والفساد، يعني خيل أبي موسى الأشعري ومن كان معه. قال يزدجرد: فما الرأي؟ قال الهرمزان: الرأي أن توجهني إلى تلك الناحية، فأجمع إلي العجم، وأكون ردءا في ذلك الوجه، وأجمع لك الأموال من فارس والأهواز، واحملها إليك، لتتقوى بها على حرب أعدائك، فأعجبه ذلك من قوله، وعقد له على الأهواز وفارس، ووجه معه جيشا كثيفا.