ودعا بالصاغة، فاتخذوا للنخارجان تاجا من ذهب مكللا بالجوهر الثمين، فتوجه به، فبقي ذلك التاج وتلك الحلي عند ولد بني المرأة، فلما وقعت الحرب بناحيتهم ساروا به إلى قرية لأبيهم، سميت باسمه، يقال لها (الخوارجان) وفيها بيت نار، فاقتلعوا الكانون (1) ودفنوا الحلي تحته، وأعادوا الكانون كهيئته.
فقال له السائب: إن كنت صادقا فأنت آمن على أولادك وضياعك وأهلك وولدك، فانطلق به حتى استخرجه في سفطين: أحدهما التاج، والآخر الحلي.
فلما قسم السائب الغنائم بين من حضر القتال، وفرغ حمل السفطين في خرجين على ناقته، وقدم بهما على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكان من أمرهما الخبر المشهور، اشتراهما عمرو بن الحارث بعطاء المقاتلة والذرية جميعا، ثم حملهما إلى الحيرة فباع بفضل كثير، واعتقد بذلك أموالا بالعراق، وكان أول قرشي اعتقد بالعراق، فقال عروة بن زيد الخيل يذكر أيامهم:
ألا طرقت رحلي وقد نام صحبتي * بإيوان سيرين المزخرف خلتي ولو شهدت يومي جلولاء حربنا * ويوم نهاوند المهول استهلت إذا لرأت ضرب أمري غير خامل * مجيد بطعن الرمح أروع مصلت ولما دعوا يا عروة بن مهلهل * ضربت جموع الفرس حتى تولت دفعت عليهم رحلتي وفوارسي * وجردت سيفي فيهم ثم التي وكم من عدو أشوس متمرد * عليه بخيلي في الهياج أظلت وكم كربة فرجتها وكريهة * شددت لها أزري إلى أن تجلت وقد أضحت الدنيا لدي ذميمة * وسليت عنها النفس حتى تسلت وأصبح همي في الجهاد ونيتي * فلله نفس أدبرت وتولت فلا ثروة الدنيا نريد اكتسابها * إلا أنها عن وفرها قد تحلت وما ذا أرجى من كنوز جمعتها * وهذى المنايا شرعا قد أظلت