قال: وإنهم خرجوا ذات يوم مستعدين للحرب، فقاتلهم المسلمون، فانهزمت الأعاجم، وانقطع عظيم من عظمائهم يسمى (دينار) فحال المسلمون بينه وبين الدخول إلى الحصن، واتبعه رجل من عبس، يسمى (سماك بن عبيد) فقتل قوما كانوا معه، واستسلم له الفارس، فاستأسره سماك، فقال لسماك:
(انطلق بي إلى أميركم، فإني صاحب هذه الكورة، لأصالحه على هذه الأرض، وأفتح له باب الحصن)، فانطلق به إلى حذيفة، فصالحه حذيفة عليها، وكتب له بذلك كتابا.
فأقبل دينار حتى وقف على باب حصن نهاوند، ونادى من فيه (افتحوا باب الحصن، وانزلوا، فقد آمنكم الأمير، وصالحني على أرضكم). فنزلوا إليه، فبذلك سميت (ماه دينار). وأقبل رجل من أشراف تلك البلاد إلى السائب بن الأقرع، وكان على المغانم، فقال له (أتصالحني على ضياعي، وتؤمنني على أموالي، حتى أدلك على كنز لا يدري ما قدره، فيكون خالصا لأميركم الأعظم، لأنه شئ لم يؤخذ في الغنيمة).
وكان سبب هذا الكنز أن النخارجان الذي كان يوم القادسية أقبل بالمدد، فألفى العجم قد انهزموا، فوقف، فقاتل حتى قتل، وكان من أعاظم الأعاجم، وكان كريما على كسرى أبرويز، وكانت له امرأة من (أكمل) (1) النساء جمالا، وكانت تختلف إلى كسرى، فبلغ النخارجان ذلك، فرفضها، فلم يقربها، وبلغ ذلك كسرى، فقال يوما للنخارجان وقد دخل عليه مع العظماء والأشراف: (بلغني أن لك عينا عذبة الماء، وأنك لا تشرب منها) فقال النخارجان أيها الملك، بلغني أن الأسد ينتاب تلك العين، فاجتنبتها مخافة الأسد) فاستحلى كسرى جواب النخارجان، وعجب من فطنته، فدخل دار نسائه، وكانت له ثلاثة آلاف امرأة لفراشه، فجمعهن وأخذ ما كان عليهن من حلي، فجمعه، ودفعه إلى امرأة النخارجان،