قالوا: عشرة آلاف دينار، ومائتا ألف درهم.
فقال: سلموه إلى مولاي عروة، فدفعوه إليه.
فقال لهم إبراهيم: إني قد رأيت أن أولي الأمر هناك أبا مسلم، لما جربت من عقله، وبلوت من أمانته، وأنا موجهة معكم، فاسمعوا له، وأطيعوا أمره، فإن والدي - رحمة الله عليه - قد كان وصف لنا صفته، وقد رجوت أن يكون هو الذي يسوق إلينا الملك، فعاونوه، وكانفوه، وانتهوا إلى رأيه، وأمره.
قالوا: سمعا وطاعة لك أيها الإمام.
فانصرفوا، وأبو مسلم معهم، حتى صاروا إلى خراسان، فتشمر أبو مسلم للدعاء، وأخذ القوم بالبيعة، ووجه كل رجل من أصحابه إلى ناحية من خراسان، فكانوا يدورون بها كورة كورة، وبلدا بلدا، في زي التجار.
فاتبعه عالم من الناس عظيم، فواعدهم لظهوره يوما سماه لهم، وولي على من بايعه في كل كورة رجلا من أهلها، وتقدم إليهم بالاستعداد للخروج من ذلك اليوم الذي سماه لهم حتى أجاب جميع أرض خراسان، سهلها وجبلها، وأقصاها وأدناها.
وبلغ في ذلك ما لم يبلغه أصحابه من قبله، واستتب له الأمر على محبته، وصار من أعظم الناس منزلا عند شيعته، حتى كانوا يتحالفون به، فلا يحنثون، ويذكرونه، فلا يملون.
* * * وقد كان خالد بن عبد الله ولي العراقين عشر سنين، أربعا في خلافة يزيد ابن عبد الملك، وستا في خلافة هشام.
فلما عزله هشام، وولى مكانه يوسف بن عمر حاسبه يوسف، فخرج عليه عشرة آلاف درهم، قد كان وهبها للناس، وبذرها - وكان من أسخى العرب - فحبسه يوسف بن عمر عنده في العراق.