فقال: إن أمي كانت أمه لعمير بن بطين العجلي، فوقع عليها، فحملت بي، فباعها، وهي حامل، فاشتراها عيسى، ومعقل، ابنا إدريس، فولدت عندهما، فأنا كهيئة المملوك لهما.
ثم إن النفر شخصوا من واسط، وأخذوا نحو مكة على طريق البصرة، فوصلوا إلى مكة، وقد وافاها الإمام محمد بن علي حاجا، فلقوه، وسلموا عليه، وأخبروه بما غرسوا به في جميع خراسان من الغرس، ثم أخبروه بممرهم بواسط، ودخولهم على إخوانهم المحبسين بها.
ووصفوا له صفة أبي مسلم، وما رأوا من ذكاء عقله وفهمه، وحسن بصره، وجودة ذهنه، وحسن منطقه.
فسألهم: أحر هو أم مملوك؟
فقالوا: أما هو، فيزعم أنه ابن عمير بن بطين العجلي، وكانت قصته كيت وكيت، ثم فسروا له ما حكي لهم من أمره.
فقال: إن الولد [تبع للأم، فإذا انصرفتم فاجعلوا] (1) ممركم بواسط، فاشتروه، وابعثوا به إلى الحميمة (2) من أرض الشام، لأجعله الرسول فيما بيني وبينكم، على أني أحسبكم لا تلقوني بعد عامي هذا، فإن حدث بي حدث فصاحبكم ابني هذا - يعني إبراهيم - فاستوصوا به خيرا، فإني سأوصيه بكم خيرا.
فانصرف القوم نحو خراسان، ومروا بواسط، ولقوا عيسى، ومعقل ابني إدريس، فأخبروهما بحاجة الإمام إلى أبي مسلم، وسألوهما بيعة منهم.
فزعموا، أنهما وهباه له.
فوجه به القوم إلى الإمام، فلما رآه تفرس فيه الخير، ورجا أن يكون هو القيم بالأمر، لعلامات رآها فيه، قد كانت بلغته.
فجعله الرسول فيما بينه وبينهم، فاختلف إليهم مرارا كثيرة.