فحمله يوسف بن عمر معه إلى واسط (1)، فكان يخرجه كل يوم ويعذبه، ثم يرده إلى الحبس، فأخرجه ذات يوم، وقال: ما هذا التقاعد يا ابن المائقة (2).
فقال له خالد: ما ذكرك الأمهات، لعنك الله؟ والله لا أكلمك بكلمة أبدا.
فغضب يوسف بن عمر من ذلك، فوضع على خالد المضرسة (3)، وجعل يعذبه بها حتى قتله، فدفنه ليلا في عباءة كانت عليه.
فأنشأ الوليد بن يزيد:
ألم تهتج فتذكر الوصالا * وحبلا كان متصلا فزالا بلى، فالدمع منك له سجال * كماء الغرب ينهمل انهمالا فدع عنك ادكارك آل سعدي * فنحن الأكثرون حصى ومالا ونحن المالكون الناس قسرا * نسومهم المذلة والنكالا ونوردهم حياض الخسف ذلا * وما نألوهم إلا خبالا (4) وطئنا الأشعرين بكل أرض * ولم يك وطؤنا أن يستقالا وكندة والسكون قد استعاذوا * نسومهم المذلة والخبالا شددنا ملكنا ببني نزار * وقومنا بهم من كان مالا وهذا خالد فينا قتيلا * ألا منعوه إن كانوا رجالا ولو كانت بنو قحطان عربا * لما ذهبت صنائعه ضلالا ولا تركوه مسلوبا أسيرا * نحمله سلاسلنا الثقالا ولكن المذلة ضعضعتهم * فلم يجدوا لذلتهم مقالا فلما سمع من كان بأقطار الشام من اليمانية هذا الشعر أنفوا أنفا شديدا، فاجتمعوا من مدن الشام، وساروا نحو الوليد بن يزيد.